والأسباب التي أدّت إلى الثورة عديدة، نذكر منها سببين:

الأوّل: الاضطهاد والإذلال الذي مارسه الخلفاء العبّاسيون ضد العلويين واستبداد موسى الهادي على وجه الخصوص.

الثاني: الولاة الذين عيّنهم موسى الهادي على المدينة مثل تعيينه إسحاق بن عيسى بن علي الذي استخلف عليها رجلاً من ولد عمر بن الخطاب يعرف بعبد العزيز. وقد بالغ هذا الأثيم في إذلال العلويين وظلمهم فألزمهم بالمثول عنده كل يوم، وفرض عليهم الرقابة الشخصية فجعل كل واحد منهم يكفل صاحبه

ــــــــــــ

(١) عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب: ١٧٢ عن سر السلسلة العلوية: ١٤. ونقل القول الأصفهاني في مقاتل الطالبيين وعنه في بحار الأنوار: ٤٨/١٦٥.

(٢) تاريخ اليعقوبي: ٢ / ٤٠٤.


 

 

بالحضور، وقبضت شرطته على كل من الحسن بن محمد بن عبد الله بن الحسن، ومسلم بن جندب وعمر بن سلام، وادّعت الشرطة أنها وجدتهم على شراب فأمر بضربهم، وجعل في أعناقهم حبالاً، وأمر أن يطاف بهم في الشوارع ليفضحهم(١) .

وفي سنة (١٦٩ هـ) عزم الحسين بن علي (صاحب فخ) على الخروج وفاتح الإمام موسى الكاظم عليه السلام بالأمر وطلب منه المبايعة فقال له الإمام عليه السلام :(يا ابن عم، لا تكلّفني ما كلّف ابنُ عمِك عمَكَ أبا عبد الله فيخرجُ مني ما لا أريد، كما خرج من أبي عبد الله ما لم يكن يريد) . فقال له الحسين: إنّما عرضت عليك أمراً فإن أردته دخلت فيه. وإن كرهته لم أحملك عليه والله المستعان، ثم ودّعه.

فجمع الحسين أصحابه مثل يحيى، وسليمان، وإدريس بن عبد الله بن الحسن، وعبد الله بن الحسن الأفطس وغيرهم فلما أذّن المؤذن الصبح دخلوا المسجد ونادوا أحد أحد، وصعد الأفطس المنارة، وأجبر المؤذّن على قول: حيّ على خير العمل وصلَّى الحسين بالناس الصبح فخطب بعد الصلاة وبايعه الناس، وبعد أن استولى على المدينة توجّه نحو مكة وبعد أن وصل إلى (فخ) فعسكر فيه وكان معه (٣٠٠) مقاتل ولحقته الجيوش العبّاسية وبعد صراع رهيب استشهد الحسين وأصحابه وأرسلت رؤوس الأبرار إلى الطاغية موسى الهادي، ومعهم الأسرى وقد قيّدوا بالحبال والسلاسل ووضعوا في أيديهم وأرجلهم الحديد، وأمر الطاغية بقتلهم فقتلوا صبراً وصلبوا على باب الحبس(٢) .

ــــــــــــ

(١) بحار الأنوار: ٤٨ / ١٦١ عن الأصفهاني في مقاتل الطالبيين.

(٢) تاريخ الطبري: ١٠ / ٢٩ وبحار الأنوار: ٤٨ / ١٦١ ـ ١٦٥ عن مقاتل الطالبيين.