إن المنهج الإسلامي هو منهج واقعي للحياة، بكل ما للحياة من تشكيلات وتنظيمات وأوضاع وقيم وأخلاق وآداب وعبادات وشعائر، وهو كمنهج نظري يراد تطبيقه في الواقع بحاجة إلى قدوة تجسّده في الواقع كي يقتدي بها الناس ليندفعوا أشواطاً إلى الأمام في مسيرة التنفيذ والتطبيق، ولهذا ركّز الإمام عليه السلام على القدوة الناطقة بالكتاب والسنّة وهم أهل البيت عليهم السلام تمييزاً عن غيرهم من الذين تنكبوا طريق الاستقامة وانحرفوا عن المنهج انطلاقاً من أهوائهم ومصالحهم التي تخدم السلاطين والحكّام وانفلاتاً من قيود العقيدة والشريعة. فقد أكّد الإمام عليه السلام على الولاية باعتبارها أهم أركان الإسلام فقال:(بني الإسلام على خمس: على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية، ولم يناد بشيء كما نودي بالولاية) (٢) ، التي أوضحها في نص آخر بأنها الولاية لأهل البيت عليهم السلام (٣) .

وأورد الأحاديث الشريفة عن رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم التي تؤكد على ولاية

ــــــــــــــ

(١) الكافي: ٢ / ٧٤.

(٢) المصدر السابق: ٢ / ١٨.

(٣) الخصال: ١ / ٢٧٨ .


أهل البيت عليهم السلام ومرجعيتهم في الأمة، ومنها توجيه الأنظار إلى ولاية أول الأئمة أعني الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام متمثّلة بالولاء العاطفي له، قال رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم (ما من مؤمن إلاّ وقد خلص ودِّي إلى قلبه، وما خلص ودّي إلى قلب أحد إلاّ وقد خلص ودّ عليّ إلى قلبه، كذب يا علي من زعم أنه يحبّني ويبغضك) (١) .

وفسرّ الآيات النازلة في حق أهل البيت عليهم السلام وبيّن مؤدّاها بشكل دقيق وهو مرجعية أهل البيت عليهم السلام في جميع شؤون الحياة فكرية وعاطفية وسلوكية.

ففي قوله تعالى:( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) (٢) ، قال عليه السلام :نحن أهل الذكر .

وفي قوله تعالى:( لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ) (٣) ، قال عليه السلام :نحن هم .

وفي قوله تعالى:( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً ) (٤) ، قال عليه السلام :نحن الأمة الوسط .

وفي قوله تعالى:( وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) (٥) ، قال عليه السلام :أي مع آل محمد (٦) .

وأمّا أحاديثه التي رواها عن رسول الله حول ولاية أهل البيت عليهم السلام ومرجعيتهم للأمة فمنها قوله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم :(أنا رسول الله إلى النّاس أجمعين ولكن سيكون بعدي أئمة على الناس من أهل بيتي من الله، يقومون في الناس فيكذّبونهم ويظلمونهم أئمة الكفر والضلال وأشياعهم، ألا فمن والاهم واتّبعهم وصدّقهم فهو منّي ومعي وسيلقاني،

ــــــــــــــ

(١) المحاسن: ١٥١.

(٢) النحل (١٦): ٤٣.

(٣) البقرة (٢): ١٤٣.

(٤) البقرة (٢): ١٤٣.

(٥) التوبة (٩): ١١٩.

(٦) مناقب آل أبي طالب: ٤ / ١٩٤، ١٩٥ .


ألا ومن ظلمهم وأعان على ظلمهم وكذّبهم، فليس مني ولا معي وأنا منه بريء) (١) .

وحثّ عليه السلام على الرجوع إلى القرآن والسنّة، وأكّد مرجعية أهل البيت عليهم السلام باعتبار أنّ سنّتهم امتداد للسنّة النبويّة الشريفة، وباعتبار أعلميّتهم بمنهج القرآن الكريم وسيرة النبي العظيم; فإنّهم أهل بيت الوحي والرسالة فهم أدرى بما في البيت.

بيّن الإمام عليه السلام خصائص الإنسان الشيعي وهو الإنسان الموالي والمتّبع لأهل البيت عليهم السلام تمييزاً له عمّن سواه ممّن يحمل شعار الولاء والمشايعة لهم، قال عليه السلام :(فو الله ما شيعتنا إلاّ من اتقى الله وأطاعه ...) (٢) .

وقال أيضاً:(لا تذهب بكم المذاهب، فو الله ما شيعتنا إلاّ من أطاع الله عَزَّ وجَلَّ) (٣) .