لقد كان العهد والميثاق الذي تم بين معاوية وبين الإمام الحسن عليه السلام ورقة رابحة يلوّحها معاوية لكلّ تحرّك فعّال مضاد تجاه تربّعه على مسند السلطة، صحيح أنّه عهد غير حقيقي وما كان برضا الإمامين عليهما‌ السلام وتم في ظروف كان لابد من تغييرها، لكنّ المجتمع لم يكن يتقبّل نهضة الإمام الحسين عليه السلام مع وجود هذا العهد، وحتى لو كان هذا العهد صحيحاً فإنّ معاوية نقضه بممارسته العدائية بملاحقة رجال الشيعة، ولم يرعَ أيَّ حقّ في سياسته الاقتصادية.

وقد سارع معاوية لاستغلال هذا العهد في التشهير بالإمام الحسين عليه السلام وإظهاره بموقف الناقض للعهد، فقد كتب إلى الإمام عليه السلام : أمّا بعد، فقد انتهت إليّ أُمور عنك، إن كانت حقاً فإنّي أرغب بك عنها. ولعمر الله إنّ من أعطى عهد الله وميثاقه لجدير بالوفاء، وإنّ أحقّ الناس بالوفاء من كان مثلك في خطرك وشرفك ومنزلتك التي أنزلك الله بها، ونفسك فاذكر، وبعهد الله أوفِ، فإنّك متى تنكرني أنكرك، ومتى تكدني أكدك، فاتّق شقّ عصا هذه الأمة(1) .

____________________

(1) الإمامة والسياسة: 1 / 188، والأخبار الطوال: 224، وأعيان الشيعة: 1 / 582.


من هنا لجأ الإمام الحسن عليه السلام ومن بعده الحسين عليه السلام إلى أسلوب آخر لنشر الدعوة والتهيّؤ للثورة التي غذّاها معاوية بظلمه وجوره وبُعده عن تمثيل الحكم الإسلامي الصحيح، حتى إذا مات معاوية كان كثير من الناس وعامّة أهل العراق - بشكل خاص - يرون بغض بني أُمية وحبّ أهل البيت لأنفسهم ديناً(1) .