إنّ الحكّام الذين تولّوا أُمور المسلمين ولم يكونوا معصومين ولا شرعيين كانوا يغطّون تصرّفاتهم بغطاء ذي مسحة شرعية عند الجماهير. وكان بنو أُمية من أكثر الحكام المستفيدين من هذا الأُسلوب الماكر; إذ لم يتردّد معاوية في وضع الأحاديث المفتعلة لتدعيم حكمه، بل سعى بكلّ وسيلة لتضليل الأمة، وتمكّن من فعل ذلك مع عامة الناس.

وأصبح الأمر أكثر خطورة حين تولّى يزيد ولاية الحكم بطريقة لم يقرّها الإسلام، ولهذا كان لابدّ من فضح التيار الأموي وتصويره على حقيقته، لتتّضح الصورة للعالم الإسلامي فيعي دوره ورسالته ويقوم بواجبه ووظيفته،

____________________

(1) للمزيد من التفصيل راجع: أضواء على ثورة الحسين عليه السلام للسيّد محمد الصدر: 57.


فتحرّك الحسين عليه السلام بصفته الإمام المعصوم ليواجه زيف الحكم وضلالته. وفعلا أسفر التيار الأموي عن مكنون حقده بارتكابه الجريمة البشعة في كربلاء بقتل خير الناس وأصحابه وأهل بيته من الرجال والنساء والأطفال، ثم أعقب ذلك بقصف الكعبة بالمنجنيق في واقعة الحرة وإباحة المدينة ثلاثة أيام قتلا ونهباً وسلباً واعتداءً على الأموال والنساء والأطفال بشكل بشع لم يسبق له مثيل(1) .

وانتبه المسلمون إلى انحراف الفئة الحاكمة الضالّة وإلى فساد أعمالها، وسعوا من خلال محاولات عديدة إلى تطهير الجهاز الحاكم المتوغّل في الظلم والطغيان، حتى غدت ثورة الإمام الحسين عليه السلام أنموذجاً يحتذى به لمقارعة ومقاومة كلّ نظام يستشري فيه الفساد، وقد أفصح الإمام عليه السلام عن الصفات التي يجب أن يتحلّى بها الحاكم بقوله: (فلعمري ما الإمام إلاّ العامل بالكتاب، والآخذ بالقسط، والدائن بالحقّ، والحابس نفسه على ذات الله)(2) .