كانت السيّدة فاطمة الزهراء

كانت السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) في ذلك اليوم الذي توفيت فيه طريحة الفراش، وقد أخذ منها الهزال كلّ مأخذ ، وما بقي منها سوى الهيكل العظمي فقط ، لقد رأت أَباها في المنام وهو يقول لها : «هلمّي إليّ يا بُنَيَّة فإنّي اليك مشُتاقٌ» ثمّ قال لها : «أنتِ الليلةَ عندي» .



انتبهت من غفوتها واستعدّت للرحيل إلى الآخرة ، فقد سمعت من أبيها الصادق المصدَّق الذي قال : «من رآني فقد رآني». سمعت منه نبأ ارتحالها فلا مجال للشكّ والتردّد في صدق الخبر .



فتحت عينها واستعادت نشاطها ولعلّها كانت في صحوة الموت وقامت لاتّخاذ التدابير اللازمة ، واغتنمت تلك السويعات الأخيرة من حياتها، أقبلت الزهراء تزحف أو تمشي متّكئة على الجدار نحو الموضع الذي فيه الماء من بيتها، وشرعت تغسل ثياب أطفالها بيديها المرتعشتين، ثم دعت أطفالها وطفقت تغسل رؤوسهم، ودخل الإمام عليّ (عليه السلام) البيت وإذا به يرى عزيزته قد غادرت فراش العلّة وهي تمارس أعمالها المنزلية .



رقّ لها قلب الإمام حين نظر إليها وقد عادت إلى أعمالها المتعبة التي كانت تجدها أيام صحتها، فلا عجب إذا سألها عن سبب قيامها بتلك الأعمال بالرغم من انحراف صحّتها ، أجابته بكلّ صراحة لأن هذا اليوم هو آخر يوم من أيام حياتي، قمت لأغسل رؤوس أطفالي وثيابهم لأنّهم سيصبحون يتامى بلا اُم، سألها الإمام عن مصدر هذا النبأ فأخبرته بالرؤيا ، فهي بذلك قد نعت نفسها إلى زوجها بما لا يقبل الشك .