قال سُوَيْدُ بن غفلة

قال سُوَيْدُ بن غفلة : لمّا مرضت سيّدتنا فاطمة (عليها السلام) المَرْضة التي توفّيت فيها; اجتمعت اليها نساء المهاجرين والأنصار ليَعِدْنَها ، فقلن لها : يا بنت رسول الله كيف أصبحت من علّتك ؟ فحمدت الله وصلّت على أبيها (صلى الله عليه وآله) ثم قالت :



«أصبَحتُ واللهِ عائِفَةً[3] لدنياكم ، قالِية[4] لرجالكم، لَفَظْتُهُم[5] بَعدَ أنْ عَجَمْتهُمْ[6] وَشَنَأْتُهُمْ[7] بَعْدَ أن سَبَرْتُهُمْ[8]، فَقُبحاً[9] لفُلولِالحدِّ[10][واللَّعبِ بَعدَ الجِدِّ[11] ، وقَرْعِ الصَّفاةِ[12]][13] ، وخَوْرِ القَناةِ[14] ، وخَطَلِ الرّأيِ[15][ وزَلَلِ الأهواءِ ][16] .



وَبِئسَ ما قَدَّمَتْ لهم أنفُسُهم أنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيهْمِ وفي العذابِ هُم خالدون .



لا جَرَمَ[17] [والله][18] لَقَدْ قَلَّدَتْهُم رِبْقَتها[19] [وَحَمَّلَتْهُم أَوْقَتَها ][20] وَشَنْنتْ عَلَيْهِم غارتها[21] ، فجَدعاً[22] وعَقراً[23] وسُحْقاً[24] للقوم الظالمين .



وَيْحَهُم[25] أنّى زَحْزَحوها[26] عن رَواسي[27] الرِّسالةِ ، وقواعِدِ[28] النبوّةِ والدّلالَةِ ومَهبِطِ الوحيِ الأمين، والطّبين[29] بأمرِ الدُّنيا والدّين،ألا ذلك هو الخسران المبين ، وما نَقَموا[30] من أبي الحسن ؟ ! نَقَموا واللهِ مِن نَكيرِ[31] سيفِهِ، [وَقِلَّةِ مُبالاتِه بِحَتْفِهِ ]وشِدَّةِ وَطأتِهِ[32] ونَكالِ[33] وَقْعته[34] وتَنَمُّرِهِ[35] في ذاتِ اللهِ عزّوَجَلَّ .



واللهِ لو تَكافُّوا[36] عَن زَمان[37] نَبَذَهُ[38] رسولُ الله (صلى الله عليه وآله) لأعْتَلَقَهُ[39] ولَسار بِهِم سَيْراً سُجُحاً[40][41]، لا يُكْلَمُ[42] خِشاشُه[43][ ولا يكلّ سائره ]ولا يُتَعْتَعُ[44] راكبهُ ، ولأوردهم مَنْهَلاً نميراً[45] فَضْفاضاً[46] تَطْفَحُ ضِفّتاه[47] [ ولا يَتَرَنَّقُ جانِباهُ ][48] ولاصَدَرَهُم بِطاناً[49] [ ونصح لهم سرّاً وإعلاناً ] قد تحيّر بهم الرّيّ[50] غير متحلٍّ منه بطائل[51] . [ولا يحظى من الدنيا بنائل][52] إلاّ بِغَمْرِ[53] الماءِ وَرَدْعِه[54] شَرَرَ الساغِب[55][ وَلَبانَ لَهُمُ الزّاهِدُ من الرّاغِب والصّادقُ مِنَ الكاذِبِ][56]ولَفُتِحَتْ عليهِم بَرَكاتٌ مِنَ السماءِ والأرضِ، وسَيَأْخُذُهُمُ اللهُ بما كانوا يكْسِبونَ[57].



أَلا هَلُمَّ فَاسْمَعْ[58]، وَما عِشْتَ أراكَ الدَّهْرُ العَجَبَ، وإنْ تَعْجَبْ فَقَد أعْجَبَك الحادِثُ [لَيْتَ شِعري][59] إلى أيِّ سِناد[60] استَنَدوا [وعلى أيّ عِماد اعتَمَدوا] وبِأيَّةِ عُرْوة تَمَسّكوا، [وعلى أيّةِ ذُرِّيَّة اَقْدَموا واحتنكوا ]؟[61] [لبئس المولى ولبئس العشير، وبئس للظالمين بدلا][62].



استبدلوا الذُنابى[63] والله بالقوادِمِ والعَجزَ بالكاهِل، فَرَغْماً لمَعاطِسِ قوم يحسبون أنّهُم يُحسِنون صُنْعاً ، ألا إنّهم هُمُ المُفْسِدون وَلكن لا يَشْعُرونَ.



وَيْحَهُم [ أَفَمَنْ يهَدي إلى الحقِّ أَحَقُّ أن يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدّي[64] إلاّ أَنْ يُهدى فما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمونَ][65].



أما لَعَمْري لقد لَقِحَتْ فَنَظِرَةٌ رَيْثَما تُنْتِج[66] ثمّ احْتَلِبوا طِلاعَ القَعْبِ[67] دَماً عَبيطاً[68]، وذُعافاً مُمْقِراً[69]، هُنالِكَ يَخْسَرُ المُبْطِلونَ، ويَعْرِفُ التالون غِبَّ[70] ماسَنَّ[71] الأوَّلونَ.



ثمّ طيبوا [بعد ذلك] عن أنفسكم[72] أنفساً[73]، وَطَأْمنوا لِلْفِتْنَةِ جَأشاً[74] ، وابْشروا بِسَيْف صارِم[75] [وَسَطْوَةِ مُعْتَدغاشِم][76] وهَرَج شامِل[77] ، وَاستِبداد[78] مِنَ الظالمينَ ، يَدَعُ فَيْئَكُم زَهيداً[79] ، وَزَرْعَكُمْ حَصيداً[80] ، فَيا حسرتي لكم ، وَأَ نّى[81] بِكُمْ وَقَدْ عُمِّيَتْ[82] عليكم أَ نُلزِمُكموها وَأَنْتُم لها كارِهون».



قال سويد بن غفلة : فأعادت النساء قولها (عليها السلام) على رجالهن فجاء اليها قوم من وجوه المهاجرين والأنصار معتذرين ، وقالوا : يا سيّدة النساء لو كان أبو الحسن ذكر لنا هذا الأمر من قبل أن نبرم العهد ونحكم العقد; لما عَدَلنا إلى غيره، فقالت : « إلَيْكُمْ عَنيّ ! فَلا عُذْرَ بَعْدَ تَعذيرِكُم وَلا أمْرَ بَعْدَ تَقصيرِكُم »[83].