لم يكن عليّ عليه السلام راضياً بما فعله أبو بكر للأسباب التالية :

١ ـ إنّ أبا بكر لم يستشر أحداً من المسلمين في تقرير مصير الخلافة إلاّ عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفّان اللذين كانا على معرفة تامّة بميول أبي بكر لاستخلاف عمر من بعده ، خشية أن يدفعه أهل الرأي من الصحابة المخلصين على تغيير رأيه في اختيار عمر .

٢ ـ الإصرار على إبعاد الإمام عليّ عليه السلام عن الساحة السياسية ومسألة تقرير مصير الخلافة فلم يستشره في أمر الخلافة ، في حين أنّ أبا بكر كان يفزع إلى الإمام في حلّ المشاكل المستعصية ، أو أنّ آراء الإمام ومواقفه في خلافة أبي بكر هي الناصحة والصائبة دون من عداها .

٣ ـ إنّ أبا بكر فرض عمر فرضاً على المسلمين ، وكأنّ له الوصاية عليهم حيّاً وميّتاً وذلك بقوله : استخلفت عمر بن الخطاب عليكم فاسمعوا له وأطيعوا ، رغم أنّه رأى الغضب ظاهراً في وجوه الكثيرين من الصحابة .

٤ ـ إنّه ناقض نفسه في دعواه بالسير على منهاج رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم لأنّه كان يدّعي أنّ النبيّ صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم توفّي ولم يعهد لأحدٍ في شأن الخلافة ، في حين نجده يوصي لصاحبه عمر من بعده(٢) .

ــــــــــــ

(١) الكامل في التأريخ : ٢ / ٤٢٥ .

(٢) وهو من العجائب ؛ لأنّه لمّا أفاق من الإغماء واستمع إلى ما كتبه عثمان من تعيين الخليفة بعده ، قال : أراك خفت أن يختلف الناس إن متّ في غشيتي قال : نعم ؛ كيف هو وعثمان خافا من اختلاف الناس ؟! وأمّا الرسول الأعظم الحكيمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يخف من اختلاف أمته ؟! لأنهم يصرّحون بأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مات ولم يعيّن أحداً تباً لهم فما لهم كيف يحكمون ؟!

بل نلاحظ عمر يمنع الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من كتابة وصيّته في لحظاته الأخيرة بينما يجلس وبيده جريدة ومعه شديد مولى لأبي بكر معه الصحيفة التي فيها استخلاف عمر وعمر يقول : أيّها الناس اسمعوا وأطيعوا قول خليفة رسول الله إنه يقول غني لم آلكم نصحاً راجع الطبري ط أوربا ١ / ٢١٣٨ أرأيت التناقض بين موقفيه ؟! وهل هناك من تفسير غير التآمر على تخطيط الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟!


٥ ـ هيّأ الملك لبني أُمية ، الذي جلب الويلات للإسلام والمسلمين ، وذلك من خلال إثارة طمعهم في الخلافة وتشجيعهم عليها بقوله لعثمان : لو لا عمر ما عدوتك(١) وأبو بكر يعلم أنّ عثمان عاطفي ضعيف يميل لبني أُمية ، وأنّهم سيغلبونه على أمره ، وهذا ما حصل .

ــــــــــــ

(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ١ / ١٦٤ .