لقد كان عطاء الثورة الحسينية كبيراً جدّاً حيث أرجعت هذه الثورة الخالدة الأمة الإسلامية إلى مستوى التصدّي للثورة على الحكّام المنحرفين ، واستطاعت الأمة المسلمة بفضل هذه الثورة المباركة أن تتجاوز الهالة المزيّفة التي صنعها الأمويون لإضفاء طابع من الشرعية على سلطانهم ، وهذا الوعي الثوري والعمل الجهادي الذي شكّلته الأمة خلال عدّة عقود قد يأخذ بالهبوط إذا لم يقترن بعوامل البقاء والاستمرار والتكامل .

من هنا نجد الإمام الصادق عليه السلام قد تحرّك نحو صياغة العمل الثوري والجهادي ورسم هيكليّته ، وبالتالي تجذيره في النفوس ويبدو هذا واضحاً من خلال موقفه من ثورة عمّه زيد بن علي عليه السلام حيث صرّح قائلاً :( أَشْرَكَني الله في تلك الدماء مضى والله زيد عمّي وأصحابه شهداء مثل ما مضى عليه علي بن أبي طالب وأصحابه ) (١) .

وهذا الموقف منه عليه السلام يعطي الشرعية لثورة زيد ، ويرسم للجماعة الصالحة طموحات الإمام عليه السلام ، ويجعلها تعيش الهمّ الجهادي والثوري الذي يريده الإمام للقاعدة الصالحة التي تستطيع أن تسير بها نحو الأهداف المنشودة للقيادة الربّانية المتمثّلة في الإمام الصادق عليه السلام .

فالجماعة الصالحة هي ذلك النموذج الفاضل الذي يعدّه الإمام عليه السلام لمهمّة الإصلاح في المجتمع ، وهذه الجماعة هي التي سوف تتحمّل مسؤولية

ـــــــــــــــــ

(١) بحار الأنوار : ٤٦ / ١٧١ .


الثورة الكبرى المرتقبة .

ومن هنا كان ترسيخ مبادئ وأهداف ومعالم وحيويّة الثورة الحسينية في نفوس الجماعة الصالحة من خطوات الإمام الكبيرة في هذا الصدد .