هو محمد بن المتوكل ، ولد سنة (٢٣٢ هـ) ، بُويع له وعمره تسع عشرة سنة ، ولم يل الخلافة قبله أحد أصغر منه ، وهو أوّل خليفة أحدث الركوب بحلية الذهب ، فقد كان الخلفاء قبله يركبون بالحلية الخفيفة من الفضّة كان المعتز مستضعفاً من قِبل الأتراك وأُلعوبة بأيديهم وأوّل سنة تولّى فيها السلطة مات اشناس الذي كان الواثق قد استخلفه على السلطة وخلف خمسمائة ألف دينار ، فأخذها المعتز وخلع خلعة الملك على محمد بن عبد الله بن طاهر ، وقلّده سيفين ، ثم عزله وخلع خلعة الملك على أخيه وتوّجه بتاج من ذهب وقلنسوة مجوهرة ، ووشاحين مجوهرين وقلّده سيفين ، ثم عزله من عامه ونفاه إلى واسط ، وخلع على بغا الشرابي وألبسه تاج الملك فخرج على المعتز بعد سنة فقتل وجيء إليه برأسه .

ــــــــــــــ

(١) تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٣٥٨ ـ ٣٥٩ .


وفي رجب من هذه السنة خلع المعتز أخاه المؤيد من العهد وضربه وقيّده فمات بعد أيام ، فخشي المعتز أن يتحدّث عنه أنّه قتله أو احتال عليه ، فأحضر القضاة حتى شاهدوه وليس به أثر ، وكان المعتز مستضعفاً مع الأتراك ، فاتفق أنّ جماعة من كبارهم أتوه وقالوا : يا أمير المؤمنين أعطنا أرزاقنا لنقتل صالح بن وصيف ، وكان المعتز يخاف منهم فطلب من أُمّه ( قبيحة ) مالاً لينفقه فيهم ، فأبت عليه وشحّت نفسها ، ولم يكن بقي في بيوت المال شيء بينما كانت أُمه تملك الأموال العظيمة ، حيث أنفقت على صالح بن وصيف مالاً عظيماً بعد قتله ؛ ولهذا اجتمع الأتراك على خلعه ، ووافقهم صالح بن وصيف ، ومحمد بن بُغا ، فلبسوا السلاح وجاءوا إلى دار الخلافة فبعثوا إلى المعتز أن اخرج إلينا ، فبعث يقول : قد شربت الدواء وأنا ضعيف ، فهجم عليه جماعة وجرّوا برجله وضربوه بالدبابيس ، وأقاموه في الشمس في يوم صائف ، وهم يلطمون وجهه ويقولون : اخلع نفسك ، ثم احضروا القاضي بن أبي الشوارب والشهود وخلعوه ، ثم أحضروا من بغداد إلى دار الخلافة ـ وهي يومئذٍ سامراء ـ محمد ابن الواثق ، وكان المعتز قد أبعده إلى بغداد فسلّم المعتز إليه الخلافة وبايعه(١) .

ومات المعتزّ بعد خلعه من الخلافة بطريقة غريبة ، بعد خمس ليال من خلعه ، حيث أدخلوه الحمّام ، فلمّا اغتسل عطش فمنعوه الماء ، ثم أُخرج فسقوه ماء بثلج فشربه وسقط ميتاً ، وذلك في شهر شعبان المعظّم سنة خمس وخمسين ومائتين .