يعيد المهدي الموعود ـ عجل الله فرجه ـ نظام «التسوية في العطاء»(٣) الذي كان سائداً على عهد رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم ثم غيّر وبُدّل من بعده وأُبتدعت بدله معايير جديدة أحدثت نظام التفاضل الطبقي بالتدريج بالرغم من التزام الوصي الإمام علي عليه السلام إبان خلافته بنظام التسوية في العطاء وتابعه على ذلك ابنه الحسن عليه السلام في شهور خلافته القليلة لكنه قد غاب بالكامل بعد استشهادهما، وبدأ بنو أمية بالاستئثار بأموال المسلمين وتقييد العطاء من بيت المال بمصالحهم السياسية وتحويله من عطاء شرعي الى رشاو مقيتة يستجلبون بها الأنصار لهم على الباطل أو يشترون به سكوت البعض عن الحق.

والمهدي المنتظر عليه السلام يجعل بيت المال قسمة مشتركة بين المسلمين دونما تفاضل أو تمييز، فالجميع متساوون في الانتفاع من النعم الإلهية والخدمات المستثمرة من الأموال العامة، تطبيقاً لأحد أبعاد العدالة المحمدية المكلّف باقرارها. وتصرح الأحاديث الشريفة بأنه ينهي الحالة الإقطاعية

ـــــــــــ

(١) اثبات الهداة : ٧١ .

(٢) الكافي: ٨/ ١٦٧، كمال الدين: ٦٧٢.

(٣) مسند أحمد: ٣ / ٣٧، ملاحم ابن المنادي: ٤٢، ميزان الاعتدال: ٣/ ٩٧.


حسب النص القائل: «إذا قام قائمنا اضمحلت القطائع فلا قطائع»(١) ، والمقصود بها الأراضي الزراعية أو غيرها من الثروات والمنافع التي يعطيها الحكام للمقرّبين منهم وقد راجت هذه الظاهرة بعد وفاة رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم وخاصة في عهد الخليفة الثالث وفي العصر الأموي بشكل خاص.

وتتحدث الكثير من الأحاديث عن كثرة عطائه عليه السلام وتعتبرها علامة مميزة له فهو: «يحثو المال حثواً»(٢) عندما يُعطي من سأله، وهذا وإن كان يشير الى كرمه وكثرة الخيرات والبركات في عصره إلاّ أنها تفصح عن نقطة مهمة أخرى في سيرته الاقتصادية عليه السلام وهي سيرة إغناء الناس بما يكفيهم ويغنيهم ويجعلهم في رفاهيّة من العيش بحيث يتفرّغوا الى الطاعات والعبادة والعمل الإصلاحي الفردي والاجتماعي.

وعليه يتضح أن سيرته في المجال المالي ترتبط بمهمته الإصلاحية وإقامة المجتمع التوحيدي الخالص في تعبده لله تبارك وتعالى فالمراد منها توفير متطلبات ذلك وإزالة العقبات الصادة عنه.