والمهدي الموعود ـ عجل الله فرجه ـ هو الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً كما تواترت بذلك الأحاديث النبوية، وإنجاز هذه المهمة يحتاج الى سيرة قضائية صارمة، لذلك فهو يجسد سيرة جده الإمام علي عليه السلام الشديدة في تتبع حقوق الناس المغصوبة وأخذها من الغاصب حتى لو كانت مخبأة تحت ضرس وحتى لو تزوج بها الحرائر، و: «يبلغ من ردّ المهدي المظالم، حتى لو كان تحت ضرس إنسان شيء انتزعه حتى يرده»(٥) . فيبلغ من عدله أن «تتمنى الأحياء الأموات»(٦) أي يتمنوا عودة الأموات لينعموا ببركات عدله.

وتذكر مجموعة من الأحاديث الشريفة أنه عليه السلام يحكم بحكم سليمان وداود في قضائه; أي بالعلم «اللدني» دون الاحتجاج بالبينة(٧) ، ولعل ذلك انطلاقاً من مهمته في اقرار العدل الحقيقي دون الظاهري الذي قد تقرّه البينة الظاهرية وإن كان خلاف العدل الحقيقي وهذه حقيقة معروفة وقد شهدها التأريخ الإسلامي والانساني ويشهد التأريخ المعاصر الكثير من مصاديقها حيث يُؤدي الالتزام بالبينات الظاهرية الى غياب العدل الحقيقي وإن أقرت العدل الظاهري. وعلى أي حال. فهذه من خصوصيات عهده عليه السلام وهي تنسجم مع طبيعة الأوضاع العامة لهذا العهد.

ـــــــــــ

(١) ملاحم ابن طاووس: ١٣٢.

(٢) فتن ابن حماد: ٩٨، عقد الدرر: ٢٢٧.

(٣) ابن حماد: ٩٩، الحاوي للسيوطي: ٢ / ٧٧.

(٤) برهان المتقي الهندي: ٧٨.

(٥) ابن حماد: ٩٨، الحاوي: ٢ / ٨٣، القول المختصر: ٢٥، عقد الدرر: ٣٦.

(٦) ابن حماد: ٩٩، القول المختصر : ٥.

(٧) الكافي: ١ / ٣٩٧، إثبات الهداة: ٣/ ٤٤٧.