إنّ سيرة الإمام في غيبته الكبرى تفصح بأن لقاءاته فيها لا تنحصر في هذا العدد المحدود من الأولياء المخلصين في كل عصر بل تشمل غيرهم ـ ولو بصورة غير مستمرة ـ فالأخبار الخاصة الدالة على مشاهدته في الغيبة الكبرى كثيرة وعددها يفوق حد التواتر، بحيث نعلم لدى مراجعتها واستقرائها، عدم الكذب والخطأ فيها في الجملة(١) ، فقد نقل الميرزا النوري مائة منها في النجم الثاقب وفي المصادر الأخرى ما يزيد على ذلك بكثير، اضافة الى أن من المؤكد أن هناك مقابلات غير مروية ولا مسجلة في المصادر وإن كانت متناقلة عبر الثقات وأن المهدي ـ عجل الله فرجه ـ يتصل بعدد من المؤمنين في أنحاء العالم في كل جيل مع حرصهم على عدم التفوه بذلك وكتمه الى الأبد، بل يمكن القول بأن المقابلات غير المروية أكثر بكثير من المقابلات المروية.

وتشمل هذه المقابلات قضاء حوائج المؤمنين ـ كما كانت سيرة آبائه الأئمة عليهم السلام بمختلف أقسامها المادية والمعنوية، كما تشتمل على توجيه، الوصايا التربوية وتوضيح غوامض المعارف الإلهية أو التنبيه الى الأحكام الشرعية الصحيحة وغير ذلك من مهام الإمام في كل عصر.

ـــــــــــ

(١) راجع تاريخ الغيبة الصغرى: ٦٤٠ وما بعدها وتاريخ الغيبة الكبرى: ١٠٧ وقد ناقش السيد الصدر في هذين الكتابين قضية الالتقاء بالامام في الغيبة الكبرى وعدم تعارضها مع امر الامام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ في توقيعه للشيخ السمري بتكذيب من ادعى المشاهدة في الغيبة الكبرى، كما ناقشها الميرزا النوري في الباب السابع من كتاب النجم الثاقب والعلامة المجلسي في بحار الأنوار وغيرهم كثير واثبتوا جواز الالتقاء بالامام في الغيبة الكبرى.