قبل ستة أيام من وفاة السفير الرابع أخرج للمؤمنين توقيعاً من الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ يعلن فيه انتهاء الغيبة الصغرى وعهد السفراء المعينين من قبل الإمام مباشرة إيذاناً ببدء الغيبة الكبرى ونص التوقيع هو:

«بسم الله الرحمن الرحيم، ياعلي بن محمد السمري، أعظم الله أجر إخوانك فيك فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام، فأجمع أمرك ولا توص الى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك. فقد وقعت الغيبة التامة. فلا ظهور إلاّ بإذن الله تعالى ذكره وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلب وإمتلاء الارض جوراً. وسيأتي لشيعتي من يدّعي المشاهدة ألا فمَن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذّاب مفتر ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم»(٢) .

وكان هذا آخر توقيع صدر عن الإمام في الغيبة الصغرى وهو بمثابة إعلان عن تحقيق تحركه فيها للأهداف المرجوة منها كمرحلة تمهيدية للغيبة الكبرى، فقد ظهر للناس خلالها منه عليه السلام مباشرة أو عبر سفرائه من البينات ما يثبت وجوده وإمامته وصحة غيبته الكبرى. وقد تم تدوينها في هذه الفترة من قبل عدد من وجوه العلماء(٣) ، واتضح للاُمة انتفاع الناس من وجوده

ـــــــــــ

(١) الغيبة للطوسي : ١٦٤، الاحتجاج للطبرسي: ٢ / ٢٩٨، وسائل الشيعة : ٣/١٤٧.

(٢) كمال الدين : ٥١٦، غيبة الطوسي : ٢٤٢.

(٣) يُلاحظ هنا مثلاً أن كتاب الكافي للشيخ الكليني رحمه‌الله وهو من أهم مصادر تراث أهل البيت عليهم‌السلام في المجالات العقائدية والفقهية تم تدوينه خلال فترة الغيبة الصغرى، فقد توفي الشيخ الكليني رحمه‌الله سنة٣٢٩ هـ وهي نفس سنة وفاة الشيخ السمري آخر السفراء أي في نفس سنة انتهاء الغيبة الصغرى.


خلالها ورعايته لمسيرتهم من خلف أستارها، وأمر فيه بالرجوع الى الفقهاء في الحوادث الواقعة وصرح بأن وجوده أمان لأهل الأرض(١) ، كما أن الجيل الذي كان قد عاصر زمان الأئمة كان قد انتهى وظهرت أجيال اعتادت عصر الغيبة وفكرة القيادة النائبة، لذلك فقد تأهلت الأمة للدخول في عصر الغيبة الكبرى(٢) .

ـــــــــــ

(١) كما صرح بذلك عليه‌السلام في توقيعه الذي أجاب فيه على أسئلة إسحاق بن يعقوب، راجع كمال الدين: ٤٨٣، غيبة الطوسي : ١٧٦.

(٢) تأريخ الغيبة الصغرى: ٦٣٠ ـ ٦٥٤ وفيه توضيحات مهمة بشأن نص التوقيع المهدوي الشريف للسمري.