أَيْنَ الْمُلُوكُ وَ أَبْنَاءُ الْمُلُوكِ وَ مَنْ

 

قَادَ الْجُيُوشَ أَلَا يَا بِئْسَ مَا عَمِلُوا

بَاتُوا عَلَى قُلَلِ الْأَجْبَالِ تَحْرِسُهُمْ

  غُلْبُ الرِّجَالِ فَلَمْ يَنْفَعْهُمُ الْقُلَلُ
وَ اسْتُنْزِلُوا بَعْدَ عِزٍّ عَنْ مَعَاقِلِهِمْ   إِلَى مَقَابِرِهِمْ يَا بِئْسَ مَا نَزَلُوا
نَادَاهُمُ صَارِخٌ مِنْ بَعْدِ مَا دُفِنُوا   أَيْنَ الْأَسِرَّةُ وَ التِّيجَانُ وَ الْحُلَلُ‏
أَيْنَ الْوُجُوهُ الَّتِي كَانَتْ مُحَجَّبَةً

 

 مِنْ دُونِهَا تُضْرَبُ الْأَسْتَارُ وَ الْكِلَلُ‏

فَأَفْصَحَ الْقَبْرُ عَنْهُمْ حِينَ سَاءَلَهُمْ

  تِلْكَ الْوُجُوهُ عَلَيْهَا الدُّودُ تَنْتَقِلُ‏
قَدْ طَالَ مَا أَكَلُوا فِيهَا وَ هُمْ شَرِبُوا    فَأَصْبَحُوا بَعْدَ طُولِ الْأَكْلِ قَدْ أُكِلُوا
وَ طَالَ مَا كَثَّرُوا الْأَمْوَالَ وَ ادَّخَرُوا    فَفَارَقُوا الدُّورَ وَ الْأَهْلِينَ وَ انْتَقَلُوا
 أَضْحَتْ مَسَاكِنُهُمْ وَحْشاً مُعْطَّلَةً

 

وَ سَاكِنُوهَا إِلَى الْأَجْدَاثِ قَدْ رَحَلُوا

سَلِ الْخَلِيفَةَ إِذْ وَافَتْ مَنِيَّتُهُ

   أَيْنَ الْجُنُودُ وَ أَيْنَ الْخَيْلُ وَ الْخَوَلُ‏
أَيْنَ الْكُنُوزُ الَّتِي كَانَتْ مَفَاتِحُهَا   أَيْنَ الْحَدِيدُ وَ أَيْنَ الْبِيضُ وَ الْأَسَلُ‏
أَيْنَ الْعَبِيدُ الَّتِي أَرْصَدْتُهُمْ عَدَداً   أَنَاخَ عَشِيّاً وَ هُوَ فِي الصُّبْحِ رَاحِل
أَيْنَ الْفَوَارِسُ وَ الْغِلْمَانُ مَا صَنَعُوا

 

 لَمَّا رَأَوْهُ صَرِيعاً وَ هُوَ يَبْتَهِل

أَيْنَ الْكُمَاةُ الَّتِي مَاجُوا لِمَا غَضِبُوا

  أَيْنَ الْحُمَاةُ الَّتِي تُحْمَى بِهَا الدُّوَلُ
أَيْنَ الرُّمَاةُ أَ لَمْ تَمْنَعْ بِأَسْهُمِهِمْ    لَمَّا أَتَتْكَ سِهَامُ الْمَوْتِ تَنْتَصِلُ
هَيْهَاتَ مَا مَنَعُوا ضَيْماً وَ لَا دَفَعُوا   عَنْكَ الْمَنِيَّةَ إِذْ وَافَى بِكَ الْأَجَلُ‏
وَ لَا الرُّشَى دَفَعَتْهَا عَنْكَ لَوْ بَذَلُوا    وَ لَا الرُّقَى نَفَعَتْ فِيهَا وَ لَا الْحِيَلُ‏
مَا سَاعَدُوكَ وَ لَا وَاسَاكَ أَقْرَبُهُمْ    بَلْ سَلَّمُوكَ لَهَا يَا قُبْحَ مَا فَعَلُوا
 مَا بَالُ قَبْرِكَ لَا يَأْتِي بِهِ أَحَدٌ    وَ لَا يَطُوفُ بِهِ مِنْ بَيْنِهِمْ رَجُلٌ‏
مَا بَالُ ذِكْرِكَ مَنْسِيّاً وَ مُطَّرَحاً   و كُلُّهُمْ بِاقْتِسَامِ الْمَالِ قَدْ شُغِلُوا
مَا بَالُ قَصْرِكَ وَحْشاً لَا أَنِيسَ بِهِ    يَغْشَاكَ مِنْ كَنَفَيْهِ الرَّوْعُ وَ الْوَهَلُ‏
 لَا تَنْكِرَنَّ فَمَا دَامَتْ عَلَى مَلَكٍ    إِلَّا أَنَاخَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ وَ الْوَجَلُ‏
 وَ كَيْفَ يَرْجُو دَوَامَ الْعَيْشِ مُتَّصِلًا    وَ رُوحُهُ بِحِبَالِ الْمَوْتِ مُتَّصِلٌ‏
وَ جِسْمُهُ لِبُنَيَّاتِ الرَّدَى غَرَضٌ    وَ مُلْكُهُ زَائِلٌ عَنْهُ وَ مُنْتَقِل‏



المصدر:
ديوان الإمام علي (ع)