يا 
نفس حتام إلى الحياة سكونك و إلى الدنيا و عمارتها ركونك أ ما اعتبرت بمن مضى من 
أسلافك و من وارته الأرض من ألافك و من فجعت به من إخوانك و نقلت إلى دار البلى من 
أقرانك
	
		
			| 
			فهم 
			في بطون الأرض بعد ظهورها |  | 
			
			محاسنهم فيها بوال دواثر | 
		
			| 
			خلت 
			دورهم منهم و أقوت عراصهم |  | 
			و 
			ساقتهم نحو المنايا المقادر | 
		
			| 
			و 
			خلوا عن الدنيا و ما جمعوا لها |  | 
			و 
			ضمتهم تحت التراب الحفائر | 
		
			|  |  |  | 
	
 
كم اخترمت أيدي 
المنون من قرون بعد قرون و كم غيرت الأرض ببلاها و غيبت في ثراها ممن عاشرت في صنوف 
الناس و شيعتهم إلى الأرماس 
	
		
			| 
			و 
			أنت على الدنيا مكب منافس |  | 
			
			لخطابها فيها حريص مكاثر | 
		
			| 
			على 
			خطر تمسي و تصبح لاهيا |  | 
			أ 
			تدري بما ذا لو عقلت تخاطر | 
		
			| 
			و 
			إن امرأ يسعى لدنياه جاهدا |  | 
			و 
			يذهل عن أخراه لا شك خاسر | 
		
			|  |  |  | 
	
 
فحتام على الدنيا 
إقبالك و بشهوتها اشتغالك و قد وخطك القتير و وافاك النذير و أنت عما يراد بك ساه و 
بلذة يومك لاه 
	
		
			| 
			و 
			في ذكر هول الموت و القبر و البلى |  | 
			عن 
			اللهو و اللذات للمرء زاجر | 
		
			| 
			أ 
			بعد اقتراب الأربعين تربص |  | 
			و 
			شيب القذال منذ ذلك ذاعر | 
		
			| 
			
			كأنك معني بما هو ضائر |  | 
			
			لنفسك عمدا أو عن الرشد جائر | 
		
			|  |  |  | 
	
 
انظري إلى الأمم 
الماضية و القرون الفانية و الملوك العاتية كيف انتسفتهم الأيام فأفناهم الحمام 
فامتحت من الدنيا آثارهم و بقيت فيها أخبارهم 
	
		
			| 
			و 
			أضحوا رميما في التراب و أقفرت |  | 
			
			مجالس منهم عطلت و مقاصر | 
		
			| 
			و 
			حلوا بدار لا تزاور بينهم |  | 
			و 
			أنى لسكان القبور التزاور | 
		
			| 
			فما 
			إن ترى إلا جثى قد ثووا بها |  | 
			
			مسنمة تسفي عليها الأعاصر | 
		
			|  |  |  | 
	
 
كم عاينت من ذي عز 
و سلطان و جنود و أعوان تمكن من دنياه و نال منها مناه فبنى الحصون و الدساكر و جمع 
الأعلاق و الذخائر 
	
		
			| 
			فما 
			صرفت كف المنية إذ أتت |  | 
			
			مبادرة تهوي إليه الذخائر | 
		
			| 
			و 
			لا دفعت عنه الحصون التي بنى |  | 
			و 
			حف بها أنهارها و الدساكر | 
		
			| 
			و 
			لا قارعت عنه المنية خبله |  | 
			و 
			لا طمعت في الذب عنه العساكر | 
		
			|  |  |  | 
	
 
أتاه من أمر الله 
ما لا يرد و نزل به من قضائه ما لا يصد فتعالى الملك الجبار المتكبر القهار قاسم 
الجبارين و مبير المتكبرين
	
		
			| 
			
			مليك عزيز ما يرد قضاؤه |  | 
			
			عليم حكيم نافذ الأمر قاهر | 
		
			| 
			عنى 
			كل ذي عز لعزة وجهه |  | 
			فكل 
			عزيز للمهيمن صاغر | 
		
			| 
			لقد 
			خشعت و استسلمت و تضاءلت |  | 
			
			لعزة ذي العرش الملوك الجبابر | 
		
			|  |  |  | 
	
 
فالبدار البدار و 
الحذار الحذار من الدنيا و مكايدها و ما نصبت لك من مصايدها و تحلى لك من زينتها و 
استشرف لك من فتنتها 
	
		
			| 
			و 
			في دون ما عاينت من فجعاتها |  | 
			إلى 
			رفضها داع و
			
			
			بالزهد
			
			آمر | 
		
			| 
			فجد 
			و لا تغفل فعيشك زائل |  | 
			و 
			أنت إلى دار المنية ضائر | 
		
			| 
			و 
			لا تطلب الدنيا فإن طلابها |  | 
			و 
			إن نلت منها غبه [غبها] لك ضائر | 
		
			|  |  |  | 
	
 
فهل يحرص عليها 
لبيب أو يسر بلذتها أريب و هو على ثقة من فنائها و غير طامع في بقائها أم كيف تنام 
عين من يخشى البيات أو تسكن نفس من يتوقع الممات 
	
		
			| 
			ألا 
			لا و لكنا نغر نفوسنا |  | 
			و 
			تشغلنا اللذات عما نحاذر | 
		
			| 
			و 
			كيف يلذ العيش من هو موقن |  | 
			
			بموقف عدل حين تبلى السرائر | 
		
			| 
			
			كأنا نرى ألا نشور و أننا سدى |  | 
			ما 
			لنا بعد الفناء مصاير | 
		
			|  |  |  | 
	
 
و ما عسى أن ينال 
طالب الدنيا من لذتها و يتمتع به من بهجتها مع فنون مصائبها و أصناف عجائبها و كثرة 
تعبه في طلابها و تكادحه في اكتسابها و تكابده من أسقامها و أوصابها 
	
		
			| 
			و 
			ما أن بنى في كل يوم و ليلة |  | 
			
			يروح علينا صرفها و يباكر | 
		
			| 
			
			تعاوره آفاتها و همومها |  | 
			و 
			كم ما عسى يبقى لها المتعاور | 
		
			| 
			فلا 
			هو مغبوط بدنياه آمن |  | 
			و 
			لا هو عن تطلابها النفس قاصر | 
		
			|  |  |  | 
	
 
كم غرت من مخلد 
إليها و صرعت من مكب عليها فلم تنعشه من صرعته و لم تقله من عثرته و لم تداوه من 
سقمه و لم تشفه من ألمه 
	
		
			| 
			بلى 
			أوردته بعد عز و منعة |  | 
			
			موارد سوء ما لهن مصادر | 
		
			| 
			
			فلما رأى ألا نجاة و أنه |  | 
			هو 
			الموت لا تنجيه منه الموازر | 
		
			| 
			
			تندم لو يغنيه طول ندامة |  | 
			
			عليه و أبكته الذنوب الكبائر | 
		
			|  |  |  | 
	
 
بكى على ما أسلف من 
خطاياه و تحسر على ما خلف من دنياه حيث لا ينفعه الاستعبار و لا ينجيه الاعتذار من 
هول المنية و نزول البلية 
	
		
			| 
			
			أحاطت به آفاته و همومه |  | 
			و 
			أبلس لما أعجزته المعاذر | 
		
			| 
			
			فليس له من كربة الموت فارج |  | 
			و 
			ليس له مما يحاذر ناصر | 
		
			| 
			و 
			قد جشأت خوف المنية نفسه |  | 
			
			ترددها دون اللهاة الحناجر | 
		
			|  |  |  | 
	
 
 
هنالك خف عنه عواده 
و أسلمه أهله و أولاده و ارتفعت الرنة و العويل و يئسوا من برء العليل غضوا بأيديهم 
عينيه و مدوا عند خروج نفسه رجليه 
	
		
			| 
			فكم 
			موجع يبكي عليه تفجعا |  | 
			و 
			مستنجد صبرا و ما هو صابر | 
		
			| 
			و 
			مسترجع داع له الله مخلص |  | 
			
			يعدد منه خير ما هو ذاكر | 
		
			| 
			و 
			كم شامت مستبشر بوفاته |  | 
			و 
			عما قليل كالذي صار صائر | 
		
			|  |  |  | 
	
 
شق جيوبها نساؤه و 
لطم خدودها إماؤه و أعول لفقده جيرانه و توجع لرزيته إخوانه ثم أقبلوا على جهازه و 
تشمروا لإبرازه 
	
		
			| 
			فظل 
			أحب القوم كان لقربه |  | 
			يحث 
			على تجهيزه و يبادر | 
		
			| 
			و 
			شمر من قد أحضروه لغسله |  | 
			و 
			وجه لما فاظ للقبر حافر | 
		
			| 
			و 
			كفن في ثوبين فاجتمعت |  | 
			له 
			مشيعة إخوانه و العشائر | 
		
			|  |  |  | 
	
 
فلو رأيت الأصغر من 
أولاده و قد غلب الحزن على فؤاده فغشي من الجزع عليه و قد خضبت الدموع خديه ثم أفاق 
و هو يندب أباه و يقول بشجو وا ويلاه 
	
		
			| 
			
			لأبصرت من قبح المنية منظرا |  | 
			
			يهال لمرآه و يرتاع ناظر | 
		
			| 
			
			أكابر أولاد يهيج اكتيابهم |  | 
			إذا 
			ما تناساه البنون الأصاغر | 
		
			| 
			و 
			رنة نسوان عليه جوازع |  | 
			
			مدامعها فوق الخدود غزائر | 
		
			|  |  |  | 
	
 
ثم أخرج من سعة 
قصره إلى ضيق قبره فحثوا بأيديهم التراب و أكثروا التلدد و الانتحاب و وقفوا ساعة 
عليه و قد يئسوا من النظر إليه
	
		
			| 
			
			فولوا عليه معولين و كلهم |  | 
			
			لمثل الذي لاقى أخوه محاذر | 
		
			| 
			
			كشاء رتاع آمنات بدا لها |  | 
			
			بمدية باد للذراعين حاسر | 
		
			| 
			
			فراعت و لم ترتع قليلا و أجفلت |  | 
			
			فلما انتحى منها الذي هو حاذر | 
		
			|  |  |  | 
	
 
عادت إلى مرعاها و 
نسيت ما في أختها دهاها أ فبأفعال البهائم اقتدينا و على عادتها جرينا عد إلى ذكر 
المنقول إلى الثرى و المدفوع إلى هول ما ترى
	
		
			| 
			هوى 
			مصرعا في لحده |  | 
			و 
			توزعت مواريثه أرحامه و الأواصر | 
		
			| 
			و 
			أنحوا على أمواله يخضمونها |  | 
			فما 
			حامد منهم عليها و شاكر | 
		
			| 
			فيا 
			عامر الدنيا و يا ساعيا لها |  | 
			و 
			يا آمنا من أن تدور الدوائر | 
		
			|  |  |  | 
	
 
كيف أمنت هذه 
الحالة و أنت صائر إليها لا محالة أم كيف تتهنأ بحياتك و هي مطيتك إلى مماتك أم كيف 
تسيغ طعامك و أنت تنتظر حمامك
	
		
			| 
			و 
			لم تتزود للرحيل و قد دنا |  | 
			و 
			أنت على حال وشيكا مسافر | 
		
			| 
			فيا 
			ويح نفسي كم أسوف توبتي |  | 
			و 
			عمري فان و الردى لي ناظر | 
		
			| 
			و 
			كل الذي أسلفت في الصحف مثبت |  | 
			
			يجازي عليه عادل الحكم قاهر | 
		
			|  |  |  | 
	
 
فكم ترقع بدينك 
دنياك و تركب في ذلك هواك إني لأراك ضعيف اليقين يا راقع الدنيا بالدين أ بهذا أمرك 
الرحمن أم على هذا دلك القرآن
 
	
		
			| 
			
			تخرب ما يبقى و تعمر فانيا |  | 
			و 
			لا ذاك موفور و لا ذاك عامر | 
		
			| 
			و 
			هل لك إن وافاك حتفك بغتة |  | 
			و 
			لم تكتسب خيرا لدى الله عاذر | 
		
			| 
			أ 
			ترضى بأن تفنى الحياة و تنقضي |  | 
			و 
			دينك منقوص و مالك وافر | 
		
			|  |  |  | 
	
 
فبك إلهنا نستجير 
يا عليم يا خبير من نؤمل لفكاك رقابنا غيرك و من نرجو لغفران ذنوبنا سواك و أنت 
المتفضل المنان القائم الديان العائد علينا بالإحسان بعد الإساءة منا و العصيان يا 
ذا العزة و السلطان و القوة و البرهان أجرنا من عذابك الأليم و اجعلنا من سكان دار 
النعيم يا أرحم الراحمين