قَدمْ لنفسك في الحياة تزوداً

فلقدْ تُفَارِقُها وأنتَ مودَّعُ

واهتمَّ للسفر القريب فإنَّهُ

أنْأى من السفر البعيدِ وأشْسَعُ

واجعلْ تزودكَ المخافةَ والتَّقَى

وكأنَّ حتفكَ من مسائِكَ أسرعُ

واقْنع بقُوتك فالقناعُ هو الغنى

والفقرُ مقرونٌ بمن لا يَقْنعُ

واحذر مصاحبة اللئام فانهم

منعوكَ صفوَ ودداهم وتصنّعوا

أهل التصنع ما أنَلْتَهُمُ الرضى

واذا منعتَ فسُمُّهُم لك مُنْقَعُ

لا تفش سرا ما استطعتَ إلى امرئ

يُفْشِي اليك سرائراً يُسْتودَعُ

فكما تراه بسر غيرك صانعاً

فكذا بسرِّكَ لا محالةَ يَصْنَعُ

لا تبد أنَّ بمنطق في مجلس

قبل السؤال فانَّ ذلك يَشْنُعُ

فالصمتُ يُحسنُ كل ظن بالفتى

ولعلَّه خَرِق سفيهُ أرْقَع

ودعِ المزاحَ فربَّ لفظة مازح

جَلَبتْ اليك مساوئاً لا تُدفَع

وحفاظ جارك لا تُضعه فإنّه

لا يبلغ الشرف الجسيم مُضيع

واذا استقالك ذو الإساءة عثرةً

فأَقِلْهُ انّ ثواب ذلك أوسع

واذا ائتمنت على السرائر فاخفها

واستر عيوب أخيك حين تطلعُ

لا تجزعنَّ من الحوادث إنّما

خرْقُ الرجالِ على الحوادث يجزعُ

وأطعْ أباك بكلِّ ما أوصى بهِ

انَّ المطيعَ أباه لا يتَضَعْضَعُ




المصدر:
ديوان الإمام علي (ع)