يا أخنوخ كم من جبروت جبار قصمتها و كم من قوي ظن ألا مغالب له فتجبر و عتا و تمرد و طغا أريته قدرتي و أذقته وبال سطوتي و أوردته حياض المنية فشرب كأسها و ذاق بأسها و حططته من عالي حصونه و وثيق قلاعه و أخرجته من عامر دوره و مونق رباعه إلى القبور الملحودة و الحفرة المخدودة فاضطجع فيها وحيدا و سال منه فيها صديدا و أطعم حريشات و دودا و صار من ماله و جموعه بعيدا و في ملاقاة المحاسبة فريدا لم ينفعه ما عدد و لم يخلده ما خلد و لم يتبعه إلا تبعات الحساب و لم يصحبه من أحوال دنياه إلا موجبات الثواب أو العذاب ثم أورثت ما حاز من الباطل و جمع و صد عن الحق من لم يشكره على ما صنع و لا دعا له و لا نفع شقي ذاك بجمعه و فاز هذا الوارث بنفعه قد رأى الغابر عاقبة من مضى فلا يرتدع و أبصر الباقي مصير من انقضى فلا ينزجر و لا ينقمع أ ما لهم أعين فتبصر أو قلوب فتتفكر أو عقول فتدبر كذبوا بي فصدقتهم سخطتي و ناموا عن حقي فنبهتهم عقوبتي أد إليهم رسالتي و عرفهم نصيحتي و أكد عليهم حجتي و أنهج لهم حد محجتي ثم كلهم إلى محاسبتي فو عزتي لا يتعداني ظالم و لا يخفق عندي مظلوم و سأقتص للكل من الكل و أنا الحكيم العدل .


المصدر:
بحار الأنوار