قال الصادق ع‏ الصمت شعار المحققين بحقائق ما سبق و جف القلم به و هو مفتاح كل راحة من الدنيا و الآخرة و فيه رضى الله و تخفيف الحساب و الصون من الخطايا و الزلل و قد جعله الله سترا على الجاهل و زينا للعالم و معه عزل الهوى و رياضة النفس و حلاوة العبادة و زوال قسوة القلب و العفاف و المروة و الظرف فأغلق باب لسانك عما لك منه بد لا سيما إذا لم تجد أهلا للكلام و المساعد في المذاكرة لله و في الله و كان ربيع بن خيثم يضع قرطاسا بين يديه فيكتب كل ما يتكلم به ثم يحاسب‏ نفسه في عشيته ما له و ما عليه و يقول آه آه نجا الصامتون يقينا- [و بقينا] و كان بعض أصحاب رسول الله ص يضع الحصاة في فمه فإذا أراد أن يتكلم بما علم أنه لله و في الله و لوجه الله أخرجها من فمه و إن كثيرا من الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يتنفسون تنفس الغرقى و يتكلمون شبيه المرضى و إنما سبب هلاك الخلق و نجاتهم الكلام و الصمت فطوبى لمن رزق معرفة عيب الكلام و صوابه و علم الصمت و فوائده فإن ذلك من أخلاق الأنبياء و شعار الأصفياء و من علم قدر الكلام أحسن صحبة الصمت و من أشرف على ما في لطائف الصمت و ائتمنه على خزائنه كان كلامه و صمته كله عبادة و لا يطلع على عبادته هذه إلا الملك الجبار


المصدر:
كتاب مصباح الشريعة