لما استشهد البطل العظيم ، ذو النفس الزكية ، سعى بعض المرتزقة ، من باعة الضمير إلى المنصور ، فأخبروه بأن الامام الصادق عليه‌ السلام ، كان يبعث مولاه المعلى بن خنيس ، بجباية الاموال من شيعته ، وكان يمد بها ذا النفس الزكية ، ليواصل حربه للمنصور ، فتميز الطاغية غيظا ، وورم أنفه ، وكتب إلى عمه داوود بن علي ، عامله على يثرب ، بإشخاص الامام إليه ، ولا يتأخر في ذلك ، ولما انتهت إليه الرسالة ، استدعى الامام وعرفه بالحال ، فنهض الامام عليه‌ السلام ، إلى مسجد جده رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فصلى ركعات ودعا بهذا الدعاء : « يا مَنْ لَيْسَ لَهُ إِبْتِداء ، وَلا إنْتِهاءٌ ، يا مَنْ لَيْسَ لَهُ أَمَدٌ ، وَلا نِهَايَةُ ، ولا مِيقَاتُ ، ولا غَايَةٌ ، يا ذا العَرْشِ المجيدِ ، وَالبَطْشِ الشَّدِيدِ ، يا مَنْ هُوَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ، يا مَنْ لا تَخْفَىٍ عَلَيْهُ اللُّغَاتُ ، وَلا تَشْتَبِهُ عَلَيْهِ الَأصْواتُ ، يا مَنْ قَامَتْ بِجَبَرُوتِهِ الَأرْضُ والسَّمواتُ ، يا حَسَنَ الصُّحَبَةِ ، يا وَاسِعَ المَغْفِرَةِ ، يا كَرِيمَ العَفْوَ ، صَلِّ على مُحَمَدٍ وَآلِ مُحَمَدٍ ، وَاحْرُسني في سَفَري وَمَقَامي ، وَانتِقَالي بِعَيْنِكَ التي لا تَنَامُ ، وَاكْنِفْنيِ بِرُكْنِكَ الذي لا يُضَامُ. اللّهُمَّ ، إني أَتَوَجَّهُ في سَفَري هَذَا ، بِلا ثِقَةٍ مِني لِغَيْرِكَ ، وَلا رَجَاءٍ يَأْوِي بي إلَّا إلَيْكَ ، ولا قُوَّةٍ لي أتَّكِلُ عَلَيْهَا ، ولا حِيلَةٍ أَلْجَأُ إلَيْهَا ، إلَّا إبْتِغَاءَ فَضْلِكَ ، وَإلتِمَاسَ عَافِيَتِكَ ، وَطَلَبَ فَضْلِكَ ، وَإجْرَاءَكَ لي على أفْضَل عَوَائِدِكَ عِنْدي. اللّهُمَّ ، وَأنْتَ أعْلَمُ بِمَا سَبَقَ لي ، في سَفَري ، هَذَا ، مِمَّا أُحِبُّ وَأكْرَهُ ، فَمَهْمَا أَوْقَعْتَ عَلَيْهِ قَدَرَكَ ، فَمَحْمُودٌ فِيهِ بَلَاؤكَ ، مُنْتَصَحُ فيهِ قَضَاؤكَ ، وَأَنْتَ تَمْحو ما تَشَاءُ وَتُثْبِتُ ، وَعِنْدَكَ أُمُّ الكِتَابِ. اللُّهُمَّ ، فَاصْرِفْ عَنِّي مَقَادِيرَ كُلِّ بلاءٍ ، وَمَقْضِيَّ كُلِّ لأوَاءٍ ، وَابْسُطْ عليَّ كَنَفاً مِنَ رَحْمَتِكَ ، وَلُطْفاً مِنْ عَفْوِكَ ، وَتَمَاماً مِنْ نِعْمَتِكَ ، حَتى تَحْفَظَني فِيهِ ، بِأحَسَنِ ما حَفِظْتَ بِهِ غَائِباً مِنَ المُؤْمِنِينَ ، وَخَلصْتَهُ مِنْ سَتْرِ كُل عَوْرَةٍ ، وَكِفَايَةِ كُلِّ مَضَرَّةٍ ، وَصَرْفِ كُلِّ مَحْذُورٍ ، وَهَبْ لي فِيهِ ، أَمناً وَإيمَاناً ، وَعَافِيَةً ، وَيُسْراً ، وَصَبْراً وَشُكْراً ، وأَرْجِعْني فِيهِ سَالِماً إلى سَّالمِيِنَ بِرَحْمَتِكَ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ


المصدر:
الصحيفة الصادقية