لقد كانت محاولات قريش للقضاء على الإسلام فيما مضى عاملاً لانشغال النبي صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله‌ وسلم والمسلمين في معارك الدفاع والتحصين وتثبيت أركان الدولة والمجتمع الإسلامي عدة سنين فلم يستطع خلالها أن يبلّغ بحريّة تامّة رسالته السماوية العالمية والخاتمة لكل الأديان. ولكن بتوقيع معاهدة صلح الحديبية أمن الرسول جانب قريش وأتاحت هذه العملية فرصة مناسبة لأن يبعث الرسول الأعظم صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله‌ وسلم سفراءه إلى زعماء القوى الكبرى المحيطة بالجزيرة العربية والى كل رؤساء المجاميع في الجزيرة وخارجها يدعوهم إلى الإسلام بعد بيان التعاليم الإلهية لهم.

فقد روي أنه صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله‌ وسلم قال في أصحابه: (أيها الناس، إن الله قد بعثني رحمة وكافّة فلا تختلفوا عليّ كما اختلف الحواريون على عيسى بن مريم) .


فقال أصحابه: وكيف اختلف الحواريون يا رسول الله؟ قال صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله‌ وسلم :(دعاهم إلى الذي دعوتكم إليه فأما من بعثه مبعثاً قريباً فرضي وسلّم وأما من بعثه مبعثاً بعيداً فكره وجهه وتثاقل) (١) .

وانطلقت رسل الدعوة والهداية تنقل أمر رسول الله صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله‌ وسلم إلى نقاط العالم المختلفة (٢) .