لقد كانت قوى الأحزاب ذات نوايا وأهداف متخالفة، فاليهود كانوا يحاولون استعادة نفوذهم على المدينة بينما كانت قريش مندفعة بعدائها للرسول والرسالة وكانت غطفان وفزارة وغيرها طامعة في محاصيل خيبر التي وعدها اليهود. هذا من جانب. ومن جانب آخر أحدثت قسوة ظروف الحصار كللاً ومللاً في نفوس الأحزاب إلى جانب ما واجههوه من التحصين وقوة المسلمين التي أبدوها وما قام به (نُعيم بن مسعود) من إحداث شرخ في تحالف الأحزاب واليهود إذ أقدم ـ بعد إسلامه ـ إلى الرسول صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله‌ وسلم قائلاً: مرني ما شئت. فقال له صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله‌ وسلم :(أنت فينا رجل واحد، فَخَذِّل عنا ما استطعت فإنّ الحرب خدعة) .

ــــــــــــ

(١) راجع المغازي: ٢ / ٤٦٥، ٤٧٥، ٤٨٩.


وأرسل الله سبحانه وتعالى على الأحزاب ريحاً عاتية باردة أحدثت فيهم رعباً وقلقاً فاقتلعت خيامهم وكفأت قدورهم، فنادى أبو سفيان بقريش للرحيل فأخذوا معهم من المتاع ما استطاعوا حمله وفرّوا هاربين وتبعتهم سائر القبائل حتى إذا أصبح الصباح لم يبق أحد منهم( وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ) (١) .