وقام سليمان بتجهيز الإمام فغسّله ، وكفّنه ، ولفّه بحبرة قد كتب عليها القرآن الكريم بأسره كلّفته ألفين وخمسمئة دينار(٣) .

ــــــــــــ

(١) كمال الدين: ٣٨ ، عيون الأخبار: ١ / ٩٩ / ح ٥ ، وعنهما في بحار الأنوار: ٤٨ / ٢٢٧ / ح٢٩.

(٢) حياة الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام : ٢ / ٥٢٦.

(٣) كمال الدين: ٣٨ عيون الأخبار ١: ٩٩ ح٥.


وقال المسيب بن زهرة: والله لقد رأيت القوم بعيني وهم يظنون أنهم يغسلونه فلا تصل أيديهم إليه ، ويظنون أنهم يحنّطونه ويكفّنونه وأراهم أنهم لا يصنعون شيئاً، ورأيت ذلك الشخص الذي حضر وفاته ـ وهو الإمام الرضا عليه السلام ـ هو الذي يتولّى غسله وتحنيطه وتكفينه، وهو يظهر المعاونة لهم، وهم لا يعرفونه فلما فرغ من أمره التفت إليَّ فقال عليه السلام :(يا مسيّب مهما شككت في شيء فلا تشكنّ فيّ، فإني إمامك ومولاك وحجة الله عليك بعد أبي. يا مسيب مثلي مثل يوسف الصديق ومثلهم مثل إخوته حين دخلوا عليه وهم له منكرون) (١) وبعد انتهاء الغسل حُمل الإمام إلى مرقده.

تشييع الإمام عليه السلام ودفنه

وبعد الغسل هرعت جماهير بغداد إلى تشييع الإمام فكان يوماً مشهوداً لم تر مثله في أيّامها فقد خرج البر والفاجر لتشييع جثمان الإمام عليه السلام والفوز بحمل جثمانه، وسارت المواكب وهي تجوب شوارع بغداد وتردد أهازيج الحزن واللوعة، متّجهة نحو باب التبن يتقدمهم سليمان حافياً حاسراً متسلّباً(٢) مشقوق الجيب إلى مقابر قريش، وحفر له قبر فيها وأنزله سليمان بن أبي جعفر.

وبعد الفراغ من الدفن أقبلت الناس تعزّيه بالمصاب الأليم(٣) .

ــــــــــــ

(١) عيون الأخبار: ١ / ١٠٠ ح٦. وعنه في بحار الأنوار: ٤٨ / ٢٢٢ ح٢٩.

(٢) أي متسلّباً من الملابس الرسمية الفاخرة لابساً لباس الحداد، كما في اللغة.

(٣) كمال الدين: ٣٨ ، عيون الأخبار: ١ / ٩٩ / ح٥ ، وعنهما في وبحار الأنوار: ٤٨ / ٢٢٧ ح ٢٩.)