واستجاب الرشيد لطلب عيسى وخاف من عدم تنفيذه لطلبه أن يساهم في إطلاق سراح الإمام عليه السلام ويخلّي سبيله، فأمره بحمله إلى بغداد وفرح عيسى بذلك، ولمّا وصل الإمام إلى بغداد أمر الرشيد باعتقاله عند الفضل فأخذه وحبسه في بيته.

وأشرف هارون على سجن الإمام عليه السلام إذ كان يتوجّس في نفسه الخوف من الإمام عليه السلام فلم يثق بالعيون التي وضعها عليه في سجنه فكان يراقبه ويتطلّع على شؤونه خوفاً من أن يتصل به أحداً ويكون الفضل قد رفّه عليه، فأطلّ من أعلى القصر على السجن فرأى ثوباً مطروحاً في مكان خاص لم يتغيّر عن موضعه.

ــــــــــــ

(١) المناقب: ٤ / ٣٤٣.

(٢) النجاشي: ٤٥٣ برقم ١٢٢٧.


فقال للفضل: ما ذاك الثوب الذي أراه كل يوم في ذلك الموضع؟!

فقال الفضل: يا أمير المؤمنين، وما ذاك بثوب، وإنما هو موسى بن جعفر له في كل يوم سجدة بعد طلوع الشمس إلى وقت الزوال، فانبهر هارون وقال: أما إنّ هذا من رهبان بني هاشم !

والتفت إليه الربيع بعد ما سمع منه اعترافه بعبادة وزهد الإمام قائلاً له: يا أمير المؤمنين ، ما لك قد ضيقت عليه في الحبس ؟!! فأجابه هارون قائلاً: هيهات ، لا بد من ذلك(١) .