الأسرة هي المؤسسة الأولى والأساسية من بين المؤسسات الاجتماعية المتعددة ، وهي المسؤولة عن رفد المجتمع بالعناصر الصالحة ، وهي نقطة البدء التي تزاول إنشاء وتنشئة العنصر الإنساني وقد وضع القواعد الأساسية في تنظيمها وضبط شؤونها ، ابتداءً باختيار شريك الحياة المناسب على أساس التديّن وحسن الخلق والانحدار من أسرة صالحة ، كما وضع برنامجاً للحقوق والواجبات على كل من الزوجين، ومراعاتهما من قبلهما كفيل بإشاعة الاستقرار والطمأنينة في أجواء الأسرة .

ــــــــــــــ

(١) الكافي : ٢ / ٩٩ .

(٢) المصدر السابق : ٢ / ١٠٣ .

(٣) المصدر السابق : ٢ / ١١٨ .


فقد روى عن رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم حق الزوج على الزوجة بقوله :( أن تطيعه ولا تعصيه ، ولا تتصدق من بيتها بشيء إلاّ بإذنه ، ولا تصوم تطوعاً إلاّ بإذنه ، ولا تمنعه نفسها وإن كانت على ظهر قتب ، ولا تخرج من بيتها إلاّ بإذنه ...) (١) .

وقال عليه السلام :( جهاد المرأة حسن التبعل ) (٢) .

ودعا إلى تحمّل أذى الزوج من أجل إدامة العلاقة الزوجية ، وعدم تفكّك الأسرة من خلال عدم مقابلة الأذى بأذى ، بقوله عليه السلام :( وجهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها وغيرته) (٣) .

ووضع الإمام عليه السلام واجبات على الزوج اتجاه زوجته ، وهو مسؤول عن تنفيذها لكي يتعمق الودّ بينهما ، ويكون الاستقرار والهدوء هو السائد في أجواء الأسرة ، ومن هذه الحقوق ، الإطعام وما تحتاجه من ثياب ، قال عليه السلام :( من كانت عنده امرأة فلم يكسها ما يواري عورتها ويطعمها ما يقيم صلبها كان حقاً على الإمام أن يفرّق بينهما ) (٤) .

وأكّد على الاهتمام بالزوجة ومراعاتها ، فقد روى عن رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم قوله :( أوصاني جبرئيل بالمرأة حتى ظننت أنه لا ينبغي طلاقها إلاّ من

ــــــــــــــ

(١) مكارم الأخلاق : ٢١٤ .

(٢) من لا يحضره الفقيه : ٣ / ٢٧٨ .

(٣) مكارم الأخلاق : ٢١٥ .

(٤) المصدر السابق : ٢١٧ .


فاحشة بيّنة) (١) .

وحثّ على تحمل الأذى من المرأة ، وعدم مقابلة الأذى بالأذى لأن ذلك يؤدي إلى تردّي العلاقات وتشنجها ، فقال عليه السلام :(من احتمل من امرأته ولو كلمة واحدة أعتق الله رقبته من النار وأوجب له الجنة ...) (٢) .

وقد كان عليه السلام أسوة في تحمل الأذى ، حتى قال الإمام الصادق عليه السلام :(كانت لأبي امرأة وكانت تؤذيه وكان يغفر لها ) (٣) .

ووضع عليه السلام منهجاً للحقوق والواجبات بين الأبناء ووالديهم ، فالواجب على الوالدين تربية أولادهم على المفاهيم والقيم الإسلامية(٤) . وإبعادهم عن الانحرافات بمختلف ألوانها(٥) .

ووضع عليه السلام برنامجاً للتربية في مختلف مراحل حياة الأطفال ابتداءً بالطفولة المبكرة حتى بلوغ وسن التكليف والرشد(٦) .

وحثّ عليه السلام على التعامل المتوازن مع الأطفال فقال عليه السلام :(شرّ الآباء من دعاه التقصير إلى العقوق وشرّ الآباء من دعاه البر إلى الإفراط) (٧) .

وأمر عليه السلام ببرّ الوالدين، فقال:(ثلاثة لم يجعل الله عَزَّ وجَلَّ فيهنّ رخصة: أداء الأمانة إلى البرّ والفاجر، والوفاء بالعهد للبرّ والفاجر ، وبرّ الوالدين برّين كانا أو فاجرين) (٨) .

وكانت أوامره مؤكدة على برّ الوالدين وان كانا منحرفين أو فاجرين وذلك لحقوقهما على الابن.

ــــــــــــــ

(١) مكارم الأخلاق : ٢١٦ .

(٢) المصدر السابق : ٢١٦ .

(٣) من لا يحضره الفقيه : ٣ / ٢٧٩ .

(٤) مكارم الأخلاق : ٢٢٢ .

(٥) المصدر السابق : ٢٢٣ .

(٦) مراجعة كتاب : تربية الطفل في الإسلام ، إصدار مركز الرسالة .

(٧) تاريخ اليعقوبي : ٢ / ٣٢٠ .

(٨) الكافي : ٢ / ١٦٢ .


ونهى عن العقوق مهما كانت الظروف ، وان كان الوالدان مسيئين للأبناء ، فقد روى عن رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم قوله :(إياكم وعقوق الوالدين ، فإنّ ريح الجنّة توجد من مسيرة ألف عام ، ولا يجدها عاقّ ...) (١) .