كان للإمام الباقر عليه السلام دور كبير في توسيع المؤسسات الثقافية، فقد أسس عدة مدارس في أهم الأمصار الإسلامية:

مدرسة المدينة: وكان يشرف عليها مباشرة، وينتقي منها الفقهاء ليواصلوا حمل العلم ونشره.

مدرسة الكوفة: وكان يشرف عليها من تتلمذ على يديه، وتخرّج من مدرسته، وقد أثمرت هذه المدرسة في نشر علوم أهل البيت عليهم السلام وإرجاع الناس إليهم، حتى اعترف الحاكم الأُموي هشام بن عبد الملك بهذه الحقيقة، فقد أشار إلى الإمام عليه السلام قائلاً: هذا المفتون به أهل العراق(٣) . ولذا أمر الأمويون بمنع أهل العراق من الالتقاء بالإمام عليه السلام (٤) .

مدرسة قم: وكان يشرف عليها بعض من تتلّمذ على يدي الإمام عليه السلام ، وهي متفرعة من مدرسة الكوفة.وتأثرت بمدرسة الكوفة وقم مدارس أُخرى في الشرق الإسلامي، كمدرسة الري وخراسان(٥) .

ــــــــــــــ

(١) المحاسن: ٢١٣.

(٢) بحار الأنوار: ٤٦ / ٣٢٨.

(٣) مختصر تاريخ دمشق: ٢٣ / ٧٩.

(٤) المصدر السابق: ٢٣ / ٨٣.

(٥) دور أهل البيتعليهم‌السلام في بناء الجماعة الصالحة: ١ / ١٣٣ .


وهنالك مدارس جوّالة كان يؤسسها طلابه أينما حلّوا وهي محدودة بحدود عدد الأفراد المشرفين وبمقدار الاستجابة لهم من قبل الناس. والمؤسسات الثقافية كان لها دور كبير في تخريج الفقهاء والمبلغين من مختلف الأمصار. وكانت أساليب الإمام التثقيفية متنوعة، بعضها ذو طابع فردي والآخر ذو طابع جماعي. كما كان التثقيف يتم عن طريق التدريس، وأخرى عن طريق الرسائل والوصايا.

ولم يكن تثقيفه وتعليمه مقتصراً على الفقه والأصول أو العلوم الدينية بشكل خاص، بل كان شاملاً لجميع العلوم المعروفة آنذاك(١) .