الارتباط بالله تعالى والاستسلام له والعزم على طاعته من شأنه أن يمحّص القلوب، ويطهّر النفوس، لأنه ينقل الإنسان من مرحلة التفكّر والتدبّر في عظمة الله تعالى وهيمنته ورقابته إلى مرحلة العمل الصالح في ظلّ هذا التدبر، فالعزم يتبعه العون منه تعالى، ويتبعه التثبيت على المضي في طريق تزكية النفس.

والارتباط بالله تعالى يبدأ بمعرفته التي تحول بين الإنسان وبين مخالفة ربّه وخالقه، قال عليه السلام :(ما عرف الله من عصاه) (١) .

فإنّ المعرفة تنتج الحبّ والحبّ الصادق يحول بين الإنسان وبين مخالفة محبوبه.

والارتباط بالله تعالى يتجسد في مراتب عديدة منها: حسن الظن بالله ورجاء رحمته، فقد روى عن جدّه رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم أنه قال:(والذي لا اله إلاّ هو ما أعطي مؤمن قط خير الدنيا والآخرة إلاّ بحسن ظنّه بالله ورجائه له وحسن خلقه والكف عن اغتياب الناس) (٢) .

ويتحقق الارتباط بالله تعالى أيضاً عن طريق المداومة على العبادات وقد حثّ الإمام عليه السلام الجماعة الصالحة على كثرة العبادة، حتى جعلها إحدى خصائصهم ـ كما تقدم ـ.

وحثّ عليه السلام على قراءة القرآن الكريم والسير على منهاجه.

كما حثّ عليه السلام على جعل الروابط والعلاقات الاجتماعية قائمة على أساس القرب والبعد من الله تعالى، فقد أورد أحاديث لرسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم تؤكد

ــــــــــــــ

(١) تحف العقول: ٢١٥.

(٢) الكافي: ٢ / ٧٢ .


على ذلك ومنها قوله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم :(ودّ المؤمن للمؤمن في الله من أعظم شعب الإيمان، ومن أحبّ في الله، وأبغض في الله، وأعطى في الله، ومنع في الله ; فهو من أصفياء الله) (١) .