وجّه الإمام عليه السلام الأنظار إلى دور أهل البيت عليهم السلام في قيادة الأمة، وتوجيهها نحو الاستقامة والرشاد فقال:(نحن ولاة أمر الله وخزائن علم الله، وورثة وحي الله، وحملة كتاب الله، طاعتنا فريضة، وحبّنا إيمان، وبغضنا كفر، محبّنا في الجنة، ومبغضنا في النار) (٢) .

وحذّر الأمة من الابتعاد عن نهج أهل البيت عليهم السلام فقال عليه السلام :(برئ الله ممن يبرأ منّا، لعن الله من لعننا، أهلك الله من عادانا) (٣) .

وحثّ عليه السلام على نصرتهم فقال:(من أعاننا بلسانه على عدوّنا أنطقه الله بحجته يوم موقفه بين يديه عَزَّ وجَلَّ) (٤) .

ووضّح عليه السلام حدود الموالاة لهم، وبيّن المعيار لمعرفة الموالاة والموالين في حالة التباس المفاهيم واختلاط المعايير، فقال:(أمّا محبتنا، فيخلص الحبّ لنا كما يخلص الذهب بالنّار لا كدر فيه، من أراد أن يعلم حبّنا، فليمتحن قلبه فإن شاركه في حبّنا حبّ عدوِّنا، فليس منّا ولسنا منه) (٥) .

وأكّد على أن طرق تولّي الإمام لمنصب الإمامة منحصرة بالنصّ والوصية، ولا عبرة بما هو الشائع من البيعة والعهد والغلبة، ومما جاء في ذلك قوله عليه السلام :(كل من دان الله عَزَّ وجَلَّ بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله فسعيه غير

ــــــــــــــ

(١) الخصال: ١ / ٤٢.

(٢) مناقب آل أبي طالب: ٤ / ٢٢٣.

(٣) بحار الأنوار: ٢٧ / ٢٢٢.

(٤) المصدر السابق: ٢ / ١٣٥.

(٥) المصدر السابق: ٢٧ / ٥١.


مقبول، وهو ضالّ متحيّر، والله شانئ لأعماله...) (١) .

وبيّن مواصفات الإمام لكي تتمكن الأمة من التمييز والتشخيص في خضم الأحداث التي حُرِّفت فيها المفاهيم وزُوِّرت فيها الحقائق فقال عليه السلام :(إن الإمامة لا تصلح إلا لرجل فيه ثلاث خصال: ورع يحجزه عن المحارم، وحلم يملك به غضبه، وحسن الخلافة على من ولي، حتى يكون له كالوالد الرحيم) (٢) .

ورسم قاعدة كلية في أساسيات حقوق وواجبات الإمام تجاه الأمة، لكي تدرك الأمة مدى قرب وبعد الحكّام عن أداء مسؤوليتهم، فقال عليه السلام :(حقّه عليهم أن يسمعوا ويطيعوا... وحقهم عليه: يقسم بينهم بالسوية ويعدل في الرعيّة) (٣) .

وفي خضم الأحداث الصاخبة وما طرأ من تشويه وتدليس في الحقائق، بيّن عليه السلام المفهوم الحقيقي للتشيع، لكي لا يعطي مبرّراً للحكّام الأمويين لتشويه سمعة أنصار أهل البيت عليهم السلام في المحافل المختلفة، واستغلال بعض السلبيات للطعن في مفاهيم الولاء والتولي، فقال عليه السلام :(فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه، وما كانوا يعرفون إلا بالتواضع، والتخشع، والأمانة، وكثرة ذكر الله، والصوم، والصلاة، والبر بالوالدين، والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة، والغارمين، والأيتام، وصدق الحديث وتلاوة القرآن، وكفّ الألسن عن الناس إلا من خير، وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء) (٤) .

والتشيّع ليس ادعاءً بل هو ممارسة عملية محسوسة في الواقع، والشيعي هو مثال التديّن والإخلاص والطّاعة لله تعالى.

ــــــــــــــ

(١) الكافي: ١ / ١٨٤.

(٢) الخصال: ١ / ١١٦.

(٣) بحار الأنوار: ٢٧ / ٢٤٤.

(٤) الكافي: ٢ / ٧٤.


ولم يكتف الإمام الباقر عليه السلام ببيان المظاهر الخارجية لمن ينتسب لمدرسة أهل البيت عليهم السلام وإنّما تعدّى ذلك إلى مجموعة من المعالم الفريدة لشيعتهم، فقال عليه السلام :(إنما شيعة علي عليه السلام الشاحبون الناحلون الذابلون، ذابلة شفاههم، خميصة بطونهم، متغيّرة ألوانهم، مصفرّة وجوههم، إذا جنّهم الليل اتّخذوا الأرض فراشاً، واستقبلوا الأرض بجباههم، كثير سجودهم، كثيرة دموعهم، كثير دعاؤهم، كثير بكاؤهم، يفرح الناس وهم محزونون) (١) .