على الرغم من انحراف الحكّام وأجهزتهم الإدارية والسياسية عن المبادئ الثابتة التي أرسى دعائمها القرآن الكريم والسنّة النبويّة; إلاّ أنّ القاعدة الفكرية والتشريعية للدولة بقيت متبنّاةً من قبل الحاكم وأجهزته في مظاهرها العامة، وعلى ضوء ذلك فإنّ دور الإمام عليه السلام كان دوراً إصلاحياً لإعادة الحاكم وأجهزته وإعادة الأمة إلى الاستقامة في العقيدة والشريعة، وجعل الإسلام بمفاهيمه وقيمه هو الحاكم على الأفكار والعواطف والمواقف.

وكان أسلوب الإمام عليه السلام الإصلاحي متفاوتاً تبعاً لتفاوت الظروف التي كانت تحيط به، وبالحكم القائم، وبالأمة المسلمة.

لقد كان الإمام عليه السلام مقصد العلماء من كل بلاد العالم الإسلامي. وما زار المدينة أحد إلاّ عرّج على بيته يأخذ من فضائله وعلومه، وكان يقصده كبار رجالات الفقه الإسلامي: كسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وأبي حنيفة.

وكان دوره عليه السلام في الإصلاح يتركّز على اتجاهين متزامنين:

الاتجاه الأول: التحرك في أوساط الأمة وعموم الناس، بما فيهم المسلمون وأصحاب الديانات الأخرى، فضلاً عن التحرك على الحكّام وأجهزتهم لإعادتهم إلى خطّ الاستقامة أو الحدّ من انحرافاتهم وحصرها في نطاق محدود.

الاتجاه الثاني: بناء الجماعة الصالحة لتقوم بدورها في إصلاح الأوضاع العامة للأمة وللدولة طبقاً للأسس والقواعد الثابتة التي أرسى دعائمها أهل البيت عليهم السلام بما ينسجم مع القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة.