إنّ أشدّ ما كان يحزّ في نفوس أهل بيت الرسالة ومحبّيهم ما رواه حميد بن مسلم، وهو شاهد عيان بعد ظهر اليوم العاشر من المحرّم إثر استشهاد الإمام الحسين عليه السلام إذ قال: لقد كنت أرى المرأة من نسائه وبناته وأهله تنازع ثوبها من ظهرها حتى تغلب عليه فيُذهب به منها.

ثمّ انتهينا إلى عليّ بن الحسين عليه السلام وهو منبسط على فراش وهو شديد المرض، ومع شمر جماعة من الرجّالة، فقالوا له: ألا تقتل هذا العليل؟ فقلت: سبحان الله أيقتل الصبيان؟! إنّما هذا صبيٌ وإنّه لما به، فلم أزل حتى دفعتهم عنه.

ــــــــــــــ

(١) الكافي : ١ / ٢٤٢ / ٣ ، والغيبة للطوسي: ١١٨ الحديث ١٤٨، واثبات الهداة: ٥ / ٢١٤ ـ ٢١٦.

(٢) الكافي : ١ / ٢٤١ / ١، واثبات الوصيّة: ١٤٢، وإعلام الورى : ١ / ٤٨٢ ـ ٤٨٣.

(٣) الاحتجاج : ٢ / ١٤٧، احتجاجات الإمام زين العابدين عليه‌السلام .


وجاء عمر بن سعد فصاحت النساء في وجهه وبكين، فقال لأصحابه: لا يدخل أحد منكم بيوت هؤلاء النسوة ولا تتعرّضوا لهذا الغلام المريض... من أخذ من متاعهنّ شيئاً فليردّه عليهن، فوالله ما ردّ أحد منهم شيئاً(١) .

وهكذا شارك الإمام زين العابدين عليه السلام أباه الحسين السبط عليه السلام في جهاده ضد الطغاة ولكنه لم يرزق الشهادة مع أبيه والأبرار من أهل بيته وأصحابه، فإنّ الله سبحانه كان قد حفظه ليتولّى قيادة الأمة بعد أبيه عليه السلام ويقوم بالدور المعدّ له لصيانة رسالة جده صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم من أيدي العتاة العابثين وانتحال الضالّين المبطلين ومن التيارات الوافدة على حضيرة الإسلام التي أخذت رقعتها بالاتّساع والانتشار السريع.

ــــــــــــــ

(١) الإرشاد : ٢ / ١١٢ ، وانظر وقعة الطف لأبي مخنف : ٢٥٦ ، ٢٥٧.