لقد نصّ رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم على إمامة اثني عشر إماماً من أهل بيته الأطهار، وعيّنَهم بذكر أسمائهم وأوصافهم، كما هو المعروف من حديث الصحابي جابر بن عبد الله الأنصاري وغيره عند العامّة والخاصّة(٢) .

كما نصّ كلّ إمام معصوم على الإمام الذي يليه قبل استشهاده في مواطن عديدة بما يتناسب مع ظروف عصره، وقد كان النصّ يكتب ويودع عند أحد سرّاً، ويجعل طلبه دليلاً على الاستحقاق، ونلاحظ تكرّر هذه الظاهرة في حياة أبي عبد الله الحسين عليه السلام بالنسبة لابنه زين العابدين عليه السلام تارة في المدينة وأُخرى في كربلاء قبيل استشهاده.

وممّا روي من النصّ على إمامة ولده عليه السلام ما رواه الطوسي، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام : أنّ الحسين لمّا خرج إلى العراق دفع إلى أم سلمة زوجة النبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم الوصيّة والكتب وغير ذلك وقال لها:(إذا أتاك أكبر وُلدي فادفعي إليه ما قد دفعتُ إليك) . فلما قُتل الحسين عليه السلام أتى عليّ بن الحسين عليه السلام أُمّ سلمة فدفعت إليه كلّ شيء أعطاها الحسين عليه السلام .

ــــــــــــــ

(١) اقرأ أخبار هذه الأحداث مسندة موثقة في : وقعة الطف لأبي مخنف: ٧٠ ـ ١٤١، تحقيق محمد هادي اليوسفي الغروي.

(٢) راجع : منتخب الأثر: ٩٧، الباب الثامن، والإرشاد وإعلام الورى بأعلام الهدى: ٢/١٨١، ١٨٢، النصوص على الأئمة الاثنا عشر، قادتنا: ٥/١٤، وإثبات الهداة بالنصوص والمعجزات: ٢/٢٨٥، النصوص العامة على الأئمة، وإحقاق الحقّ وملحقاته ج١ ـ ٢٥.


وفي نصٍّ آخر: أنّه عليه السلام جعل طلبها منها علامة على إمامة الطالب لها من الأنام فَطلبها زين العابدين عليه السلام (١) .

وروى الكليني عن أبي الجارود عن الإمام الباقر عليه السلام :أنّ الحسين عليه السلام لمّا حضره الذي حضره دعا ابنته فاطمة الكبرى فدفع إليها كتاباً ملفوفاً ووصيّة ظاهرة، وكان عليّ بن الحسين عليه السلام مريضاً لا يرون أنّه يبقى بعده، فلمّا قُتل الحسين عليه السلام ورجع أهل بيته إلى المدينة دفعت فاطمة الكتاب إلى عليّ بن الحسين عليه السلام (٢) .

وسوف نلاحظ في احتجاج الإمام عليه السلام مع عمّه محمد بن الحنفيّة أنّه قال له: (إنّ أبي صلوات الله عليه أوصى إليّ قبل أن يتوجّه إلى العراق وعهد إليّ في ذلك قبل أن يستشهد بساعة) (٣) .