لقد دعا معاوية مروان بن الحكم إلى إقناع جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي ـ وكانت من زوجات الإمام الحسن عليه السلام ـ بأن تسقي الحسن السمّ وكان شربة من العسل بماء رومة(١) ، فإن هو قضى نحبه زوّجها بيزيد، وأعطاها مئة ألف درهم .

وكانت جعدة هذه بحكم بنوّتها للأشعث بن قيس ـ المنافق المعروف الذي أسلم مرتين بينهما ردّة منكرة ـ أقرب الناس روحاً إلى قبول هذه المعاملة النكراء .

__________

(١) صلح الإمام الحسن : ٣٦٥ وقد اشتهرت كلمة معاوية : " إنّ لله جنوداً من عسل " .


قال الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام :"إنّ الأشعث شرك في دم أمير المؤمنين عليه السلام ، وابنته جعدة سمّت الحسن، وابنه محمّد شرك في دم الحسين عليه السلام " (١) .

وهكذا تمّ لمعاوية ما أراد، وكانت شهادته عليه السلام بالمدينة يوم الخميس لليلتين بقيتا من صفر سنة خمسين من الهجرة أو تسع وأربعين .

وحكم معاوية بفعلته هذه على مصير أُمة بكاملها، فأغرقها بالنكبات وأغرق نفسه وبنيه بالذحول والحروب والانقلابات، وتمّ له بذلك نقض المعاهدة إلى آخر سطر فيها .

وقال الإمام الحسن عليه السلام وقد حضرته الوفاة :"لقد حاقت شربته، وبلغ أمنيته، والله ما وفى بما وعد، ولا صدق فيما قال" (٢) .

وورد بريد مروان إلى معاوية بتنفيذ الخطّة المسمومة فلم يملك نفسه من إظهار السرور بموت الإمام الحسن عليه السلام ، "وكان بالخضراء فكبّر وكبّر معه أهل الخضراء، ثم كبّر أهل المسجد بتكبير أهل الخضراء، فخرجت فاختة بنت قرظة بن عمرو بن نوفل بن عبد مناف [زوج معاوية] من خوخة(٣) لها، فقالت : سرّك الله يا أمير المؤمنين، ما هذا الذي بلغك فسررت به ؟ قال : موت الحسن بن عليّ، فقالت : إنّا لله وإنّا إليه راجعون، ثم بكت وقالت : مات سيّد المسلمين وابن بنت رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم "(٤) .

والنصوص على اغتيال معاوية للإمام الحسن عليه السلام بالسمّ متضافرة كأوضح قضية في التاريخ(٥) .

__________

(١) صلح الإمام الحسن : ٣٦٥ .

(٢) المسعودي ، بهامش ابن الأثير : ٦ / ٥٥ .

(٣) هي الكوة التي تؤدي الضوء إلى البيت ، والباب الصغير في الباب الكبير .

(٤) صلح الإمام الحسن : ٣٦٥ ـ ٣٦٦ .

(٥) راجع طبقات ابن سعد ومقاتل الطالبيين ومستدرك الحاكم وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٤ / ١٧ ، وتذكرة الخواص : ٢٢٢ ، والاستيعاب : ١ / ٣٧٤ ، وكلّها مصادر غير إمامية .