لقد حاول معاوية أن يجعل الخلافة ملكاً عضوضاً وراثة في أبنائه، وقد بذل جميع جهوده وصرف الأموال الطائلة لذلك، فوجد أنّه لا يظفر بما يريد والحسن بن عليّ عليه السلام حيّ ينتظر المسلمون حكمه العادل وخيره العميم، ومن هنا قرّر اغتيال الإمام المجتبى صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم بما اغتال به من قبل مالك الأشتر وسعد بن أبي وقاص وغيرهما .

فأرسل إلى الإمام غير مرّة سمّاً فاتكاً حين كان في دمشق فلم ينجح حتى راسل ملك الروم وطلب منه بإصرار أن يرسل له سمّاً فاتكاً، وحصل عليه بعد امتناعه حين أفهمه أنّه يريد قتل ابن من خرج بأرض تهامة لتحطيم عروش الشرك والكفر والجاهلية وهدّد سلطان أهل الكتاب .

__________

(١) صلح الإمام الحسن : ٣٦٢ .


إنّ بائقة الأب هذه كانت هي السبب الذي بعث روح القدوة في طموح الابن ليشتركا ـ متضامنين ـ في إنجاز أعظم جريمة في تاريخ الإسلام، تلك هي قتل سيّدي شباب أهل الجنة اللذين لا ثالث لهما، وليتعاونا معاً على قطع "الواسطة الوحيدة" التي انحصر بها نسل رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم ، والجريمة ـ بهذا المعنى ـ قتل مباشر لحياة رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم بامتدادها التأريخي. نعم، والقاتلان ـ مع ذلك ـ هما الخليفتان في الإسلام !!! فواضَيْعَةَ الإسلام إن كان خلفاؤه من هذه النماذج !!!

وكان الدهاء المزعوم لمعاوية هو الذي زيّن له أُسلوباً من القتل قصّر عنه ابنه يزيد، فكان هذا "الشابّ المغرور" وكان ذاك "الداهية المحنّك في تصريف الأمور" !!! ولو تنفس العمر بأبي سفيان إلى عهد ولديه هذين لأيقن أنّهما قد أجادا اللعبة التي كان يتمناها لبني أمية .