لقد صالح الإمام الحسن عليه السلام معاوية من موقع القوّة، كما نصّت المعاهدة على أن يكون الأمر من بعده للحسن ولا يبغي له الغوائل والمكائد .

إذن من الطبيعي أن يكون الإمام محور المعارضة والشوكة التي تنغّص على بني أمية ومعاوية ملكهم وتكدّر صفوهم، ونجد في أدعية الإمام ولقاءاته بالحاكمين وبطانتهم ورسائله وخطبه نشاطاً سياسياً واضحاً تمثّل في :

أ ـ مراقبته للأحداث ومتابعتها ومراقبة سلوك الحاكمين وعمّالهم، وأمرهم بالمعروف وردعهم عن المنكر، كما لاحظنا في مراسلته لزياد لرفع الضغط عن سعيد بن أبي سرح، ولومه لحبيب بن مسلمة وهو في الطواف على إطاعته لمعاوية(٢) .

ب ـ النشاط السياسي المنظَّم والذي كان يتمثّل في استقباله لوفود المعارضة، وتوجيههم ودعوتهم إلى الصبر، وأخذ الحزم وانتظار أوامر الإمام التي ستصدر في الفرصة المناسبة، كما تمثّل في تأكيده المستمرّ على الدور القيادي لأهل البيت عليهم السلام واستحقاقه للخلافة والإمامة .

ويرى الدكتور طه حسين أنّ الإمام قد شكّل حزباً سياسياً حين مكثه في المدينة، وتولّى هو رئاسته وتوجيهه الوجهة المناسبة لتلك الظروف .

ج ـ عدم تعاطفه مع أركان النظام الحاكم بالرغم من محاولاتهم لكسب عطف الإمام أو تغطية نشاطاته أو إدانتها، وقد تمثّل هذا الجانب في رفضه

__________

(١) حياة الإمام الحسن : ٢ / ٢٨٩ ـ ٢٩٠ .

(٢) راجع حياة الإمام الحسن : ٢ / ٢٩٣ .


لمصاهرة الأُمويين وفضحه لخططهم وكشفه لواقعهم المنحرف وعدم استحقاق معاوية للخلافة، وتجلّى بوضوح في مناظراته مع معاوية وبطانته في المدينة ودمشق على حدّ سواء، ونكتفي بالإشارة إلى بعض مواقفه .