تولّى الإمام الحسن السبط عليه السلام منصب الإمامة والقيادة بعد استشهاد أبيه المرتضى عليه السلام في الواحد والعشرين من رمضان سنة ٤٠ هجرية وهو في السابعة والثلاثين من عمره المبارك وقد عاش خلال هذه المرحلة مع جدّه الرسول الأعظم صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم ما يزيد على سبع سنوات ومع أبيه المرتضى عليه السلام فترة إمامته البالغة ثلاثين سنة تقريباً. وعاصر خلالها كلاًّ من الخلفاء الثلاثة وشارك بشكل فاعل في إدارة دولة أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليه السلام .

واستمر بعد أبيه يحمل مشعل القيادة الربّانية حتى الثامن والعشرين أو السابع من شهر صفر سنة ٥٠ هجرية، وله يومئذ ثمان وأربعون سنة(١) .

إذن تنقسم حياة هذا الإمام العظيم إلى شطرين أساسيين:

الشطر الأول: حياته قبل إمامته عليه السلام وينقسم هذا الشطر إلى ثلاث مراحل:

المرحلة الأُولى: حياته في عهد جدّه الرسول الأعظم صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم .

__________

(١) الإرشاد : ١ / ١٥.


المرحلة الثانية: حياته في عهد أبي بكر وعمر وعثمان.

المرحلة الثالثة: حياته في دولة أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

الشطر الثاني: حياته بعد استشهاد أبيه عليه السلام وهو عصر إمامته عليه السلام . وينقسم هذا الشطر إلى مرحلتين متميزتين:

المرحلة الأُولى: وتبدأ من البيعة له بالخلافة حتى الصلح.

المرحلة الثانية: وهي مرحلة ما بعد الصلح حتى استشهاده عليه السلام .

ونحن نبحث المراحل الثلاث الأُولى في الفصل الثاني من الباب الثاني، ونفرد البحث عن الشطر الثاني بباب مستقل، بعد أن نسلّط الأضواء الكافية على طبيعة عصر الإمام عليه السلام ومميزاته وخصائصه; لنخرج برؤي موضوعية ومنطقية عن سلامة مواقف الإمام عليه السلام سواء قبل الصلح وبعده، ولنري ما حقّقه هذا الإمام الهمام والشجاع الصابر، ونلاحظ كيف استطاع أن يؤدي دوره الكبير في أخطر مرحلة من مراحل تأريخنا الإسلامي بمواقفه الرسالية ومنطلقاته المبدئية، وكيف استطاع أن يصل إلى الأهداف الرسالية التي جعلها الله تعالى على عاتقه كإمام معصوم يراد منه تحقيق أهداف الرسالة الإسلامية الكبرى .