إنّه لأمر طبيعيّ أن يقف ضد الحقّ أو يحايد من ساءت سريرته وضعف يقينه وأضمرت نفسه الحقد والحسد ، فرغم أنّ الإمام علياً عليه السلام هو الخليفة الشرعي كما نصّت على ذلك الأحاديث النبويّة الشريفة ، وأكدّها تأريخ الرسالة الإسلامية بأنّ خير من يصون الأمة والرسالة بعد غياب النبيّ صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم هو الإمام

ــــــــــــ

(١) أنساب الأشراف : ٥ / ٢٢ .

(٢) نهج البلاغة : الكلمة (٢٢٩) .


عليّ عليه السلام لما له من قابليات ومؤهّلات لا تتوفر لغيره من المسلمين ، كما وأنّ الأمة هي التي فزعت إلى الإمام بكل شرائحها وفئاتها ترتجي منه قبول الخلافة ، لكنّنا نجد أنّ فئة قليلة اتّسمت بالانحراف عن الحقّ والجبن في مواجهته بدأت ترتدّ عن بيعتها .

لقد كان تخلّفهم خرقاً لإجماع الأمة وتحدّياً لبيعتها ، وبذلك فتحوا باباً جديدة في تأجيج الفتنة واستمرار الصراع الداخلي ، ومن هؤلاء المتخلّفين : سعد ابن أبي وقّاص ، وعبد الله بن عمر ، وكعب بن مالك ، ومسلمة بن مخلد ، وأبو سعيد الخدري ، ومحمد بن مسلمة ، والنعمان بن البشير ، ورافع بن خديج ، وعبد الله بن سلام ، وقدامة بن مظعون ، وأسامة بن زيد ، والمغيرة بن شعبة ، وصهيب بن سنان ، ومعاوية بن أبي سفيان(١) .

ولكنّ بعضهم ندم على تفريطه في أمر بيعة الإمام ، وأما موقف الإمام عليه السلام من هؤلاء فإنّه لم يتعرّض لأحد منهم بأيّ سوء ، وتركهم وحالهم في الأمة لهم ما للناس وعليهم ما على الناس .