إنّ النقطة الجوهرية لتحقيق ورفع المستوى العلمي الذي تحتاجه الجماعة الصالحة هي تربية العلماء والكفاءات العلمية المتخصّصة في مختلف الفروع العلمية الإسلامية ، ثمّ إعطاء العلماء بالشريعة الدور المتميّز في المجتمع الإسلامي وهذا ما سار عليه أئمة أهل البيت عليهم السلام بلا استثناء .

وتميّز عصر الإمام الهادي عليه السلام بأنّه العصر الممهّد لعصر الغيبة حيث ينقطع الناس عن إمامهم ولا يبقى للناس أيّ ملجأ فكريّ وديني سوى العلماء بالله الأُمناء على حلاله وحرامه .

ومن هنا كان اهتمام الإمامين العسكريين بالعلماء بليغاً جدّاً حيث عُبّر عنهم بأنّهم الكافلون لأيتام آل محمد ، وكان التبجيل والإجلال في سيرة الإمام الهادي عليه السلام لمثل هؤلاء العلماء ملفتاً للنظر جدّاً(١) .

ومَن يقرأ تراث الإمام الهادي عليه السلام يلاحظ استمرار العطاء العلمي في هذا العصر إلى جانب الاهتمام بإيضاح المنهج العلمي الذي كان يبتغيه أهل البيت عليهم السلام والتصدّي منهم لتعميقه .

وتكفي قراءة سريعة لرسالة الإمام الهادي عليه السلام إلى أهل الأهواز لتلمّس مدى اهتمامه عليه السلام بالتأصيل النظري وبالتربية على سلوك المنهج العلمي السليم(٢) .

ــــــــــــــ

(١) راجع الفصل الثالث من الباب الأوّل .

(٢) راجع الفصل الرابع من الباب الرابع ، رسالة الإمام إلى أهل الأهواز .