ويعتبر موقف الإمام الهادي عليه السلام الصارم مع الغلاة خطوة من خطوات التحصين العقائدي للجماعة الصالحة وإبعادها من عوامل الانحراف والزيغ العقائدي الذي ينتهي إلى الكفر بالله تعالى أو الشرك به .

ويكمن نشاطه عليه السلام في فضح حقيقة هذا الخط المنحرف كما تجلّى في فضح عناصره .

والنصوص التي بأيدينا أشارت إلى أنّ الذين عرفوا بالغلو في عصره هم : أحمد بن هلال العبرطائي البغدادي ، والحسين بن عبيد الله القمّي الذي أُخرج من قم لاتّهامه بالغلو ، ومحمد بن أرومة ، وعلى بن حسكة القمّي ، والقاسم اليقطيني ، والفهري ، والحسن بن محمد بن بابا القمّي ، وفارس بن حاتم القزويني .

وأمّا كيفية تعامل الجماعة الصالحة ، مع هؤلاء فقد بيّنه عليه السلام فيما يلي : فعن أحمد بن محمد بن عيسى قال : كتبت إلى الإمام الهادي عليه السلام في قوم يتكلّمون ويقرأون أحاديث ينسبونها إليك والى آبائك فيها ما تشمئز منها القلوب ، وأشياء من الفرائض والسنن والمعاصي تأوّلوها فإن رأيت أن تبيّن لنا وأن تمنّ على مواليك بما فيه سلامتهم ونجاتهم من هذه الأقاويل

ــــــــــــــ

(١) الثاقب : ٢١٤ .


التي تصيّرهم إلى العطب والهلاك ؟ والذين ادّعوا هذه الأشياء ، ادعّوا أنّهم أولياء ، ودعوا إلى طاعتهم منهم : علي بن حسكة ، والقاسم اليقطيني ، فما تقول في القبول منهم جميعاً ؟ فكتب الإمام الهادي عليه السلام : ( ليس هذا ديننا فاعتزله ) (١) .