يا أخنوخ أ عجبت لمن رأيت من الملائكة و استبدعت الصور و استهلت الخلق و استكثرت العدد و ما رأيت منهم كالقطرة الواحدة من ماء البحار و الورقة الواحدة من ورق الأشجار أ تتعجب مما رأيت من عظمة الله فلما غاب عنك أكبر و تستبدع صنعة الله فلما لم تبصره عنك أهول و أكبر ما يحيط خط كل بنان و لا يحوي نطق كل لسان مذ ابتدأ الله خلقه إلى انتهاء العالم أفل جزء من بدائع فطرته و أدنى شي‏ء من عجائب صنعته إن لله ملائكة لو نشر الواحد جناحه لملأ الآفاق و سد الآماق و إن له لملكا نصفه من ثلج جمد و نصفه من لهب متقد لا حاجز بينهما فلا النار تذيب الجمد و لا الثلج تطفئ اللهب المتقد لهذا الملك ثلاثون ألف رأس في كل رأس ثلاثون ألف وجه في كل وجه ثلاثون ألف فم في كل فم ثلاثون ألف لسان يخرج من كل لسان ثلاثون ألف لغة تقدس الله بتقديساته و تسبحه بتسبيحاته و تعظمه بعظماته و تذكر لطائف فطراته و كم في ملكه تعالى جده من أمثاله و من أعظم منه يجتهدون في التسبيح فيقصرون و يدأبون في التقديس فيحسرون و هذا ما خلا شي‏ء من آياتي و جلالي إن في البعوضة التي تستحقرها و الذرة التي تستصغرها من العظمة لمن تدبرها ما في أعظم العالمين و من اللطائف لمن تفكر فيها ما في الخلائق أجمعين ما يخلو صغير و لا كبير من برهان علي و آية في عظمت عن أن أوصف و كبرت عن أن أكيف حارت الألباب في عظمتي و كلت الألسن عن تقدير صفتي ذلك أني أنا الله الذي ليس كمثلي شي‏ء و أنا العلي العظيم .


المصدر:
بحار الأنوار