من عرف الخلق عرف الخالق و من عرف الرزق عرف الرازق و من عرف نفسه عرف ربه و من خلص إيمانه أمن دينه كيف تخفى معرفة الله و الدلائل واضحة و البراهين على وحدانيته لائحة عجبا لمن غني عن الله و في موضع كل قدم و مطرف عين و ملمس يد دلالة ساطعة و حجة صادعة على أنه تبارك واحد لا يشارك و جبار لا يقاوم و عالم لا يجهل و عزيز لا يذل و قادر لطيف و صانع حكيم في صنعته كان أبدا وحده و يبقى من بعد وحده هو الباقي على الحقيقة و بقاؤه غير مجاز و هو الغني و غنى غيره صائر إلى فقر و إعواز و هو الذي جرت الأفلاك الدائرة و النجوم السائرة بأمره و استقلت السماوات و استقرت الأرضون بعظمته و خضعت الأصوات و الأعناق لملكوته و سجدت الأظلال و الأشباح لجبروته بإذنه أنارت الشمس و القمر و نزل الغيث و المطر و أنبتت الأرض الميتة نباتا حيا و أخرجت العيدان اليابسة ورقا رطبا و نبعت الصخور الصلاد ماء نميرا و أورقت الأشجار الخضرة نارا ضوءا منيرا طوبى لمن آمن به و صدق برسله و كتبه و وقف عند طاعته و انتهى عن معصيته و بؤسى لمن جحد آلاءه و كفر نعماءه و حاد أولياءه و عاضد أعداءه إن أولئك الأقلون الأذلون عليهم في الدنيا سيماء و لهم في الآخرة مهاد النار دولتهم إملاء و استدراج و عاقبة غنائهم احتياج و موئل سرورهم غم و انزعاج و مصيرهم في الآخرة إلى جهنم خالدين بلا إخراج فأما المؤمنون الصديقون فلهم العزة بالله و الاعتزاء إليه و القوة بنصره و التوكل عليه و لهم العاقبة في الدنيا و الفلج على أعدائهم بإظفار فو عزتي لأصيرن الأرض و لا يعبد عليها سواي و لا يدان لإله غيري و لأجعلن من نصرني منصورا و من كفرني ذليلا مقهورا و ليلحقن الجاحدين لي أعظم الندامة في هذه الدنيا و في يوم القيامة و لأخرجن من ذرية آدم من ينسخ الأديان و يكسر الأوثان فأنير برهانه و أؤيد سلطانه و أوطيه الأعقاب و أملكه الرقاب فيدين الناس له طوعا و كرها و تصديقا و قسرا هذه عادتي فيمن عرفني و عبدني و لهم في الآخرة دار الخلود في نعيم لا يبيد و سرور لا يشوبه غم و حبور لا يختلط به هم و حياة لا تتعقبها وفاة و نعمة لا يعتورها نقمة فسبحاني سبحاني و طوبى لمن سبحني و قدوس أنا و طوبى لمن قدسني جلت عظمتي فلا تحد و كثرت نعمتي فلا تعد و أنا القوي العزيز


المصدر:
بحار الأنوار