قَالَ أَبُو ذَر دَخَلْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فِي صَدْرِ نَهَارِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فِي مَسْجِدِهِ فَلَمْ أَرَ فِي الْمَسْجِدِ أَحَداً مِنَ النَّاسِ إِلَّا رَسُولَ اللَّهِ ص وَ عَلِيٌّ ع إِلَى جَانِبِهِ جَالِسٌ فَاغْتَنَمْتُ خَلْوَةَ الْمَسْجِدِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ‏
وَ أُمِّي أَوْصِنِي بِوَصِيَّةٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا فَقَالَ نَعَمْ وَ أَكْرِمْ بِكَ
يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ وَ إِنِّي مُوصِيكَ بِوَصِيَّةٍ فَاحْفَظْهَا فَإِنَّهَا جَامِعَةٌ لِطُرُقِ الْخَيْرِ وَ سُبُلِهِ فَإِنَّكَ إِنْ حَفِظْتَهَا كَانَ لَكَ بِهَا كِفْلَانِ

 يَا أَبَا ذَرٍّ اعْبُدِ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ كُنْتَ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ وَ اعْلَمْ أَنَّ أَوَّلَ عِبَادَةِ اللَّهِ الْمَعْرِفَةُ بِهِ فَهُوَ الْأَوَّلُ قَبْلَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ فَلَا شَيْ‏ءَ قَبْلَهُ وَ الْفَرْدُ فَلَا ثَانِيَ لَهُ وَ الْبَاقِي لَا إِلَى غَايَةٍ فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ مَا فِيهِمَا وَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ شَيْ‏ءٍ وَ هُوَ اللَّهُ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ وَ هُوَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ ثُمَّ الْإِيمَانُ بِي وَ الْإِقْرَارُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرْسَلَنِي إِلَى كَافَّةِ النَّاسِ‏ بَشِيراً وَ نَذِيراً وَ داعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَ سِراجاً مُنِيراً ثُمَّ حُبُّ أَهْلِ بَيْتِيَ الَّذِينَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرَهُمْ تَطْهِيراً

وَ اعْلَمْ يَا أَبَا ذَرٍّ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ أَهْلَ بَيْتِي فِي أُمَّتِي كَسَفِينَةِ نُوحٍ مَنْ رَكِبَهَا نَجَا وَ مَنْ رَغِبَ عَنْهَا غَرِقَ وَ مِثْلَ بَابِ حِطَّةٍ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مَنْ دَخَلَهَا كَانَ آمِناً-

يَا أَبَا ذَرٍّ احْفَظْ مَا أُوصِيكَ بِهِ تَكُنْ سَعِيداً فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ يَا أَبَا ذَرٍّ نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَ الْفَرَاغُ

يَا أَبَا ذَرٍّ اغْتَنِمْ خَمْساً قَبْلَ خَمْسٍ شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ وَ صِحَّتَكَ قَبْلَ سُقْمِكَ وَ غِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ وَ فَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ وَ حَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ

يَا أَبَا ذَرٍّ إِيَّاكَ وَ التَّسْوِيفَ بِعَمَلِكَ فَإِنَّكَ بِيَوْمِكَ وَ لَسْتَ بِمَا بَعْدَهُ فَإِنْ يَكُنْ غَدٌ لَكَ فَكُنْ فِي الْغَدِ كَمَا كُنْتَ فِي الْيَوْمِ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ غدا [غَدٌ لَكَ‏] لَمْ تَنْدَمْ عَلَى مَا فَرَّطْتَ فِي الْيَوْمِ-

يَا أَبَا ذَرٍّ كَمْ مِنْ مُسْتَقْبِلٍ يَوْماً لَا يَسْتَكْمِلُهُ وَ مُنْتَظِرٍ غَداً لَا يَبْلُغُهُ يَا أَبَا ذَرٍّ لَوْ نَظَرْتَ إِلَى الْأَجَلِ وَ مَسِيرِهِ لَأَبْغَضْتَ الْأَمَلَ وَ غُرُورَهُ

 يَا أَبَا ذَرٍّ كُنْ كَأَنَّكَ فِي الدُّنْيَا غَرِيبٌ أَوْ كَعَابِرِ سَبِيلٍ وَ عُدَّ نَفْسَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ

يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تُحَدِّثْ نَفْسَكَ بِالْمَسَاءِ وَ إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تُحَدِّثْ نَفْسَكَ بِالصَّبَاحِ وَ خُذْ مِنْ صِحَّتِكَ قَبْلَ سُقْمِكَ وَ مِنْ حَيَاتِكَ قَبْلَ مَوْتِكَ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا اسْمُكَ غَداً

يَا أَبَا ذَرٍّ إِيَّاكَ أَنْ تُدْرِكَكَ الصَّرْعَةُ عِنْدَ الْعَثْرَةِ فَلَا تُقَالَ الْعَثْرَةُ وَ لَا تُمَكَّنَ مِنَ الرَّجْعَةِ وَ لَا يَحْمَدَكَ مَنْ خَلَّفْتَ بِمَا تَرَكْتَ وَ لَا يَعْذِرَكَ مَنْ تَقْدَمُ عَلَيْهِ بِمَا اشْتَغَلْتَ بِهِ‏

يَا أَبَا ذَرٍّ كُنْ عَلَى عُمُرِكَ أَشَحَّ مِنْكَ عَلَى دِرْهَمِكَ وَ دِينَارِكَ

 يَا أَبَا ذَرٍّ هَلْ يَنْتَظِرُ أَحَدُكُمْ إِلَّا غِنًى مُطْغِياً أَوْ فَقْراً مُنْسِياً أَوْ مَرَضاً مُفْسِداً أَوْ هَرَماً مُقْعِداً أَوْ مَوْتاً مُجْهِزاً أَوِ الدَّجَّالَ فَإِنَّهُ شَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ أَوِ السَّاعَةَ وَ السَّاعَةُ أَدْهَى وَ أَمَرُّ إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَالِمٌ لَا يُنْتَفَعُ بِعِلْمِهِ وَ مَنْ طَلَبَ عِلْماً لِيَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ لَمْ يَجِدْ رِيحَ الْجَنَّةِ

يَا أَبَا ذَرٍّ مَنِ ابْتَغَى الْعِلْمَ لِيَخْدَعَ بِهِ النَّاسَ لَمْ يَجِدْ رِيحَ الْجَنَّةِ

يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا سُئِلْتَ عَنْ عِلْمٍ لَا تَعْلَمُهُ فَقُلْ لَا أَعْلَمُهُ تَنْجَ مِنْ تَبِعَتِهِ وَ لَا تُفْتِ بِمَا لَا عِلْمَ لَكَ بِهِ تَنْجُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ-

 يَا أَبَا ذَرٍّ يَطَّلِعُ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَيَقُولُونَ مَا أَدْخَلَكُمُ النَّارَ وَ قَدْ دَخَلْنَا الْجَنَّةَ بِتَأْدِيبِكُمْ وَ تَعْلِيمِكُمْ فَيَقُولُونَ إِنَّا كُنَّا نَأْمُرُ بِالْخَيْرِ وَ لَا نَفْعَلُهُ يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ حُقُوقَ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَقُومَ بِهَا الْعِبَادُ وَ إِنَّ نِعَمَ اللَّهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصِيَهَا الْعِبَادُ وَ لَكِنْ أَمْسُوا وَ أَصْبِحُوا تَائِبِينَ

يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ فِي مَمَرِّ اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ فِي آجَالٍ مَنْقُوصَةٍ وَ أَعْمَالٍ مَحْفُوظَةٍ وَ الْمَوْتُ يَأْتِي بَغْتَةً وَ مَنْ يَزْرَعْ خَيْراً يُوشِكْ أَنْ يَحْصُدَ خَيْراً وَ مَنْ يَزْرَعْ شَرّاً يُوشِكْ أَنْ يَحْصُدَ نَدَامَةً وَ لِكُلِّ زَارِعٍ مِثْلُ مَا زَرَعَ لَا يُسْبَقُ بَطِي‏ءٌ لِحَظِّهِ وَ لَا يُدْرِكُ حَرِيصٌ مَا لَمْ يُقَدَّرْ لَهُ وَ مَنْ أُعْطِيَ خَيْراً فَاللَّهُ أَعْطَاهُ وَ مَنْ وُقِيَ شَرّاً فَاللَّهُ وَقَاهُ-

 يَا أَبَا ذَرٍّ الْمُتَّقُونَ سَادَةٌ وَ الْفُقَهَاءُ قَادَةٌ وَ مُجَالَسَتُهُمُ الزِّيَادَةُ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيَرَى ذَنْبَهُ كَأَنَّهُ صَخْرَةٌ يَخَافُ أَنْ تَقَعَ عَلَيْهِ وَ إِنَّ الْكَافِرَ يَرَى ذَنْبَهُ كَأَنَّهُ ذُبَابٌ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ

يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْراً جَعَلَ ذُنُوبَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مُمَثَّلَةً وَ الْإِثْمَ عَلَيْهِ ثَقِيلًا وَبِيلًا وَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ شَرّاً أَنْسَاهُ ذُنُوبَهُ

يَا أَبَا ذَرٍّ لَا تَنْظُرْ إِلَى صِغَرِ الْخَطِيئَةِ وَ لَكِنِ انْظُرْ إِلَى مَنْ عَصَيْتَهُ

 يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ الْمُؤْمِنَ أَشَدُّ ارْتِكَاضاً مِنَ الْخَطِيئَةِ مِنَ الْعُصْفُورِ حِينَ يُقْذَفُ بِهِ فِي شَرَكِهِ-

 يَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ وَافَقَ قَوْلَهُ فِعْلُهُ فَذَاكَ الَّذِي أَصَابَهُ حَظُّهُ وَ مَنْ خَالَفَ قَوْلَهُ فِعْلُهُ فَإِنَّمَا يُوبِقُ نَفْسَهُ

 يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ رِزْقَهُ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ

 يَا أَبَا ذَرٍّ دَعْ مَا لَسْتَ مِنْهُ فِي شَيْ‏ءٍ فَلَا تَنْطِقْ بِمَا لَا يَعْنِيكَ وَ اخْزُنْ لِسَانَكَ‏ كَمَا تَخْزُنُ وَرِقَكَ

يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَيُدْخِلُ قَوْماً الْجَنَّةَ فَيُعْطِيهِمْ حَتَّى يَمَلُّوا وَ فَوْقَهُمْ قَوْمٌ فِي الدَّرَجَاتِ الْعُلَى فَإِذَا نَظَرُوا إِلَيْهِمْ عَرَفُوهُمْ فَيَقُولُونَ رَبَّنَا إِخْوَانُنَا كُنَّا مَعَهُمْ فِي الدُّنْيَا فَبِمَ فَضَّلْتَهُمْ عَلَيْنَا فَيُقَالُ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ إِنَّهُمْ كَانُوا يَجُوعُونَ حِينَ تَشْبَعُونَ وَ يَظْمَئُونَ حِينَ تَرْوَوْنَ وَ يَقُومُونَ حِينَ تَنَامُونَ وَ يَشْخَصُونَ حِينَ تَخْفِضُونَ

 يَا أَبَا ذَرٍّ جَعَلَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قُرَّةَ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ وَ حَبَّبَ إِلَيَّ الصَّلَاةَ كَمَا حَبَّبَ إِلَى الْجَائِعِ الطَّعَامَ وَ إِلَى الظَّمْآنِ الْمَاءَ وَ إِنَّ الْجَائِعَ إِذَا أَكَلَ شَبِعَ وَ إِنَّ الظَّمْآنَ إِذَا شَرِبَ رَوِيَ وَ أَنَا لَا أَشْبَعُ مِنَ الصَّلَاةِ-

 يَا أَبَا ذَرٍّ أَيُّمَا رَجُلٍ تَطَوَّعَ فِي يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً سِوَى الْمَكْتُوبَةِ كَانَ لَهُ حَقّاً وَاجِباً بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ

 يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ مَا دُمْتَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّكَ تَقْرَعُ بَابَ الْمَلِكِ الْجَبَّارِ وَ مَنْ يُكْثِرْ قَرْعَ بَابِ الْمَلِكِ يُفْتَحْ لَهُ

يَا أَبَا ذَرٍّ مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يَقُومُ مُصَلِّياً إِلَّا تَنَاثَرَ عَلَيْهِ الْبِرُّ مَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْعَرْشِ وَ وُكِّلَ بِهِ مَلَكٌ يُنَادِي يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ تَعْلَمُ مَا لَكَ فِي الصَّلَاةِ وَ مَنْ تُنَاجِي مَا انْفَتَلْتَ

يَا أَبَا ذَرٍّ طُوبَى لِأَصْحَابِ الْأَلْوِيَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُونَهَا فَيَسْبِقُونَ النَّاسَ إِلَى الْجَنَّةِ أَلَا هُمُ السَّابِقُونَ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالْأَسْحَارِ وَ غَيْرِ الْأَسْحَارِ

 يَا أَبَا ذَرٍّ الصَّلَاةُ عِمَادُ الدِّينِ وَ اللِّسَانُ أَكْبَرُ وَ الصَّدَقَةُ تَمْحُو الْخَطِيئَةَ وَ اللِّسَانُ أَكْبَرُ وَ الصَّوْمُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ وَ اللِّسَانُ أَكْبَرُ وَ الْجِهَادُ نَبَاهَةٌ وَ اللِّسَانُ أَكْبَرُ-

 يَا أَبَا ذَرٍّ الدَّرَجَةُ فِي الْجَنَّةِ فَوْقَ الدَّرَجَةِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ إِنَّ الْعَبْدَ لَيَرْفَعُ بَصَرَهُ فَيَلْمَعُ لَهُ نُورٌ يَكَادُ يَخْطَفُ بَصَرَهُ فَيَفْزَعُ لِذَلِكَ فَيَقُولُ مَا هَذَا فَيُقَالُ هَذَا نُورُ أَخِيكَ فَيَقُولُ أَخِي فُلَانٌ كُنَّا نَعْمَلُ جَمِيعاً فِي الدُّنْيَا وَ قَدْ فُضِّلَ عَلَيَّ هَكَذَا فَيُقَالُ لَهُ إِنَّهُ كَانَ أَفْضَلَ مِنْكَ عَمَلًا ثُمَّ يَجْعَلُ فِي قَلْبِهِ الرِّضَا حَتَّى يَرْضَى

يَا أَبَا ذَرٍّ الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَ جَنَّةُ الْكَافِرِ وَ مَا أَصْبَحَ فِيهَا مُؤْمِنٌ إِلَّا حَزِيناً فَكَيْفَ لَا يَحْزَنُ الْمُؤْمِنُ وَ قَدْ أَوْعَدَهُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ وَارِدُ جَهَنَّمَ وَ لَمْ يَعِدْهُ أَنَّهُ صَادِرٌ عَنْهَا وَ لَيَلْقَيَنَّ أَعْرَاضاً وَ مُصِيبَاتٍ وَ أُمُوراً تَغِيظُهُ وَ لَيُظْلَمَنَّ فَلَا يُنْتَصَرُ يَبْتَغِي ثَوَاباً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَزَالُ حَزِيناً حَتَّى يُفَارِقَهَا فَإِذَا فَارَقَهَا أَفْضَى إِلَى الرَّاحَةِ وَ الْكَرَامَةِ

يَا أَبَا ذَرٍّ مَا عُبِدَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى مِثْلِ طُولِ الْحُزْنِ

 يَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ أُوتِيَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَا يُبْكِيهِ لَحَقِيقٌ أَنْ يَكُونَ قَدْ أُوتِيَ عِلْماً لَا يَنْفَعُهُ إِنَّ اللَّهَ نَعَتَ الْعُلَمَاءَ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَ‏ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى‏ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً وَ يَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا وَ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَ يَزِيدُهُمْ خُشُوعاً

يَا أَبَا ذَرٍّ مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَبْكِيَ فَلْيَبْكِ وَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلْيُشْعِرْ قَلْبَهُ الْحُزْنَ وَ لْيَتَبَاكَ إِنَّ الْقَلْبَ الْقَاسِيَ بَعِيدٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى‏ وَ لكِنْ لا يَشْعُرُونَ‏

 يَا أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لَا أَجْمَعُ عَلَى عَبْدٍ خَوْفَيْنِ وَ لَا أَجْمَعُ لَهُ أَمْنَيْنِ فَإِذَا أَمِنَنِي فِي الدُّنْيَا أَخَفْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ إِذَا خَافَنِي فِي الدُّنْيَا آمَنْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ-

 يَا أَبَا ذَرٍّ لَوْ أَنَّ رَجُلًا كَانَ لَهُ كَعَمَلِ سَبْعِينَ نَبِيّاً لَاحْتَقَرَهُ وَ خَشِيَ أَنْ لَا يَنْجُوَ مِنْ شَرِّ يَوْمِ الْقِيَامَةِ

 يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ الْعَبْدَ لَيُعْرَضُ عَلَيْهِ ذُنُوبُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فيمن ذنب ذنوبه [زائدة] فَيَقُولُ أَمَا إِنِّي كُنْتُ خَائِفاً مُشْفِقاً فَيُغْفَرُ لَهُ

يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الْحَسَنَةَ فَيَتَّكِلُ عَلَيْهَا وَ يَعْمَلُ الْمُحَقَّرَاتِ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهَ وَ هُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ وَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ السَّيِّئَةَ فَيَفْرَقُ مِنْهَا يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ

 يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ الْعَبْدَ لَيُذْنِبُ الذَّنْبَ فَيَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ فَقُلْتُ وَ كَيْفَ ذَلِكَ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ يَكُونُ ذَلِكَ الذَّنْبُ نُصْبَ عَيْنَيْهِ تَائِباً مِنْهُ فَارّاً إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ

يَا أَبَا ذَرٍّ الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَ عَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَ الْعَاجِزُ مَنِ اتَّبَعَ نَفْسَهُ وَ هَوَاهَا وَ تَمَنَّى عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الْأَمَانِيَّ

 يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ أَوَّلَ شَيْ‏ءٍ يُرْفَعُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْأَمَانَةُ وَ الْخُشُوعُ حَتَّى لَا تَكَادُ تَرَى خَاشِعاً

 يَا أَبَا ذَرٍّ وَ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ الدُّنْيَا كَانَتْ تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ أَوْ ذُبَابٍ مَا سَقَى الْكَافِرَ مِنْهَا شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ

 يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلَّا مَا ابْتُغِيَ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ وَ مَا مِنْ شَيْ‏ءٍ أَبْغَضَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الدُّنْيَا خَلَقَهَا ثُمَّ عَرَضَهَا فَلَمْ يَنْظُرْ إِلَيْهَا وَ لَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا حَتَّى‏
تَقُومَ السَّاعَةُ وَ مَا مِنْ شَيْ‏ءٍ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْإِيمَانِ بِهِ وَ تَرْكِ مَا أَمَرَ بِتَرْكِهِ-

يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى أَخِي عِيسَى ع يَا عِيسَى لَا تُحِبَّ الدُّنْيَا فَإِنِّي لَسْتُ أُحِبُّهَا وَ أَحِبَّ الْآخِرَةَ فَإِنَّمَا هِيَ دَارُ الْمَعَادِ

 يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ جَبْرَئِيلَ ع أَتَانِي بِخَزَائِنِ الدُّنْيَا عَلَى بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ فَقَالَ لِي يَا مُحَمَّدُ هَذِهِ خَزَائِنُ الدُّنْيَا وَ لَا تَنْقُصْكَ مِنْ حَظِّكَ عِنْدَ رَبِّكَ فَقُلْتُ حَبِيبِي جَبْرَئِيلُ لَا حَاجَةَ لِي بِهَا إِذَا شَبِعْتُ شَكَرْتُ رَبِّي وَ إِذَا جُعْتُ سَأَلْتُهُ

يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِعَبْدٍ خَيْراً فَقَّهَهُ فِي الدِّينِ وَ زَهَّدَهُ فِي الدُّنْيَا وَ بَصَّرَهُ بِعُيُوبِ نَفْسِهِ

 يَا أَبَا ذَرٍّ مَا زَهِدَ عَبْدٌ فِي الدُّنْيَا إِلَّا أَنْبَتَ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فِي قَلْبِهِ وَ أَنْطَقَ بِهَا لِسَانَهُ وَ بَصَّرَهُ بِعُيُوبِ الدُّنْيَا وَ دَائِهَا وَ دَوَائِهَا وَ أَخْرَجَهُ مِنْهَا سَالِماً إِلَى دَارِ السَّلَامِ
يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا رَأَيْتَ أَخَاكَ قَدْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا فَاسْتَمِعْ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُلَقِّنُ الْحِكْمَةَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَزْهَدُ النَّاسِ فَقَالَ مَنْ لَمْ يَنْسَ الْمَقَابِرَ وَ الْبِلَى وَ تَرَكَ فَضْلَ زِينَةِ الدُّنْيَا وَ آثَرَ مَا يَبْقَى عَلَى مَا يَفْنَى وَ لَمْ يَعُدَّ غَداً مِنْ أَيَّامِهِ وَ عَدَّ نَفْسَهُ فِي الْمَوْتَى

يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمْ يُوحِ إِلَيَّ أَنْ أَجْمَعَ الْمَالَ إِلَى الْمَالِ وَ لَكِنْ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ سَبِّحْ‏ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ كُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ وَ اعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ‏-

 يَا أَبَا ذَرٍّ إِنِّي أَلْبَسُ الْغَلِيظَ وَ أَجْلِسُ عَلَى الْأَرْضِ وَ أَلْعَقُ أَصَابِعِي وَ أَرْكَبُ الْحِمَارَ بِغَيْرِ سَرْجٍ وَ أُرْدِفُ خَلْفِي فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي
يَا أَبَا ذَرٍّ حُبُّ الْمَالِ وَ الشَّرَفِ أَذْهَبُ لِدِينِ الرَّجُلِ مِنْ ذِئْبَيْنِ ضَارِيَيْنِ فِي زِرْبِ الْغَنَمِ فَأَغَارَا فِيهَا حَتَّى أَصْبَحَا فَمَا ذَا أَبْقَيَا مِنْهَا قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ الْخَائِفُونَ الْخَاضِعُونَ الْمُتَوَاضِعُونَ الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيراً أَ هُمْ يَسْبِقُونَ النَّاسَ إِلَى الْجَنَّةِ فَقَالَ لَا وَ لَكِنْ فُقَرَاءُ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ يَتَخَطَّوْنَ رِقَابَ النَّاسِ فَيَقُولُ لَهُمْ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ كَمَا أَنْتُمْ حَتَّى تُحَاسَبُوا فَيَقُولُونَ بِمَ نُحَاسَبُ فَوَ اللَّهِ مَا مَلِكْنَا فَنَجُورَ وَ نَعْدِلَ وَ لَا أُفِيضَ عَلَيْنَا فَنَقْبِضَ وَ نَبْسُطَ وَ لَكِنْ عَبَدْنَا رَبَّنَا حَتَّى دَعَانَا فَأَجَبْنَا-

يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ الدُّنْيَا مَشْغَلَةٌ لِلْقُلُوبِ وَ الْأَبْدَانِ وَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى سَائِلُنَا عَمَّا نَعَّمَنَا فِي حَلَالِهِ فَكَيْفَ بِمَا أَنْعَمَنَا فِي حَرَامِهِ

 يَا أَبَا ذَرٍّ إِنِّي قَدْ دَعَوْتُ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنْ يَجْعَلَ رِزْقَ مَنْ يُحِبُّنِي كَفَافاً وَ أَنْ‏
يُعْطِيَ مَنْ يُبْغِضُنِي كَثْرَةَ الْمَالِ وَ الْوَلَدِ

 يَا أَبَا ذَرٍّ طُوبَى لِلزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا الرَّاغِبِينَ فِي الْآخِرَةِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا أَرْضَ اللَّهِ بِسَاطاً وَ تُرَابَهَا فِرَاشاً وَ مَاءَهَا طِيباً وَ اتَّخَذُوا كِتَابَ اللَّهِ شِعَاراً وَ دُعَاءَهُ دِثَاراً يَقْرِضُونَ الدُّنْيَا قَرْضاً

يَا أَبَا ذَرٍّ حَرْثُ الْآخِرَةِ الْعَمَلُ الصَّالِحُ وَ حَرْثُ الدُّنْيَا الْمَالُ وَ الْبَنُونَ

يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ رَبِّي أَخْبَرَنِي فَقَالَ وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي مَا أَدْرَكَ الْعَابِدُونَ دَرْكَ الْبُكَاءِ وَ إِنِّي لَأَبْنِي لَهُمْ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى قَصْراً لَا يُشْرِكُهُمْ فِيهِ أَحَدٌ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْيَسُ قَالَ أَكْثَرُهُمْ لِلْمَوْتِ ذِكْراً وَ أَحْسَنُهُمْ لَهُ اسْتِعْدَاداً-

 يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا دَخَلَ النُّورُ الْقَلْبَ انْفَسَحَ الْقَلْبُ وَ اتَّسَعَ قُلْتُ فَمَا عَلَامَةُ ذَلِكَ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ص الْإِنَابَةُ إِلَى دَارِ الْخُلُودِ وَ التَّجَافِي عَنْ دَارِ الْغُرُورِ وَ الِاسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ قَبْلَ نُزُولِهِ

يَا أَبَا ذَرٍّ اتَّقِ اللَّهَ وَ لَا تُرِ النَّاسَ أَنَّكَ تَخْشَى اللَّهَ فَيُكْرِمُوكَ وَ قَلْبُكَ فَاجِرٌ

يَا أَبَا ذَرٍّ لِيَكُنْ لَكَ فِي كُلِّ شَيْ‏ءٍ نِيَّةٌ صَالِحَةٌ حَتَّى فِي النَّوْمِ وَ الْأَكْلِ

 يَا أَبَا ذَرٍّ لِتَعْظُمْ جَلَالُ اللَّهِ فِي صَدْرِكَ فَلَا تَذْكُرْهُ كَمَا يَذْكُرُهُ الْجَاهِلُ عِنْدَ الْكَلْبِ اللَّهُمَّ أَخْزِهِ وَ عِنْدَ الْخِنْزِيرِ اللَّهُمَّ أَخْزِهِ

 يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً قِيَاماً مِنْ خِيفَةِ اللَّهِ مَا رَفَعُوا رُءُوسَهُمْ حَتَّى يُنْفَخَ فِي الصُّورِ النَّفْخَةُ الْآخِرَةُ فَيَقُولُونَ جَمِيعاً سُبْحَانَكَ رَبَّنَا وَ بِحَمْدِكَ مَا عَبَدْنَاكَ كَمَا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تُعْبَدَ-

 يَا أَبَا ذَرٍّ لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عَمَلُ سَبْعِينَ نَبِيّاً لَاسْتَقَلَّ عَمَلَهُ مِنْ شِدَّةِ مَا يَرَى يَوْمَئِذٍ وَ لَوْ أَنَّ دَلْواً مِنْ غِسْلِينٍ صُبَّ فِي مَطْلَعِ الشَّمْسِ لَغَلَتْ مِنْهُ جَمَاجِمُ مَنْ فِي مَغْرِبِهَا وَ لَوْ زَفَرَتْ جَهَنَّمُ زَفْرَةً لَمْ يَبْقَ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَ لَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ إِلَّا خَرَّ جَاثِياً عَلَى رُكْبَتَيْهِ يَقُولُ رَبِّ ارْحَمْ نَفْسِي حَتَّى يَنْسَى إِبْرَاهِيمُ إِسْحَاقَ وَ يَقُولُ يَا رَبِّ أَنَا خَلِيلُكَ إِبْرَاهِيمُ فَلَا تَنْسَنِي

 يَا أَبَا ذَرٍّ لَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَطْلَعَتْ مِنْ سَمَاءِ الدُّنْيَا فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ لَأَضَاءَتِ الْأَرْضُ أَفْضَلَ مِمَّا يُضِيئُهَا الْقَمَرُ لَيْلَةَ الْبَدْرِ وَ لَوَجَدَ رِيحَ نَشْرِهَا جَمِيعُ أَهْلِ الْأَرْضِ وَ لَوْ أَنَّ ثَوْباً مِنْ ثِيَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ نُشِرَ الْيَوْمَ فِي الدُّنْيَا لَصَعِقَ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْهِ وَ مَا حَمَلَتْهُ أَبْصَارُهُمْ‏

يَا أَبَا ذَرٍّ اخْفِضْ صَوْتَكَ عِنْدَ الْجَنَائِزِ وَ عِنْدَ الْقِتَالِ وَ عِنْدَ الْقُرْآنِ

 يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا تَبِعْتَ جَنَازَةً فَلْيَكُنْ عَقْلُكَ فِيهَا مَشْغُولًا بِالتَّفَكُّرِ وَ الْخُشُوعِ وَ اعْلَمْ أَنَّكَ لَاحِقٌ بِهِ-

 يَا أَبَا ذَرٍّ اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ شَيْ‏ءٍ إِذَا فَسَدَ فَالْمِلْحُ دَوَاؤُهُ فَإِذَا فَسَدَ الْمِلْحُ فَلَيْسَ لَهُ دَوَاءٌ وَ اعْلَمْ أَنَّ فِيكُمْ خُلُقَيْنِ الضَّحِكَ مِنْ غَيْرِ عَجَبٍ وَ الْكَسَلَ مِنْ غَيْرِ سَهْوٍ

يَا أَبَا ذَرٍّ رَكْعَتَانِ مُقْتَصَدَتَانِ فِي التَّفَكُّرِ خَيْرٌ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةٍ وَ الْقَلْبُ سَاهٍ

يَا أَبَا ذَرٍّ الْحَقُّ ثَقِيلٌ مُرٌّ وَ الْبَاطِلُ خَفِيفٌ حُلْوٌ وَ رُبَّ شَهْوَةِ سَاعَةٍ تُوجِبُ حُزْناً طَوِيلًا

يَا أَبَا ذَرٍّ لَا يَفْقَهُ الرَّجُلُ كُلَّ الْفِقْهِ حَتَّى يَرَى النَّاسَ فِي جَنْبِ اللَّهِ أَمْثَالَ الْأَبَاعِرِ ثُمَّ يَرْجِعَ إِلَى نَفْسِهِ فَيَكُونَ هُوَ أَحْقَرَ حَاقِرٍ لَهَا

 يَا أَبَا ذَرٍّ لَا تُصِيبُ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى تَرَى النَّاسَ كُلَّهُمْ حَمْقَى فِي دِينِهِمْ وَ عُقَلَاءَ فِي دُنْيَاهُمْ-

يَا أَبَا ذَرٍّ حَاسِبْ نَفْسَكَ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبَ فَهُوَ أَهْوَنُ لِحِسَابِكَ غَداً وَ زِنْ نَفْسَكَ قَبْلَ أَنْ تُوزَنَ وَ تَجَهَّزْ لِلْعَرْضِ الْأَكْبَرِ يَوْمَ تُعْرَضُ لَا تَخْفَى مِنْكَ عَلَى اللَّهِ خَافِيَةٌ

يَا أَبَا ذَرٍّ اسْتَحِ مِنَ اللَّهِ فَإِنِّي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا أَزَالُ حِينَ أَذْهَبُ إِلَى الْغَائِطِ مُقَنِّعاً بِثَوْبِي أَسْتَحِي مِنَ الْمَلَكَيْنِ الَّذَيْنِ مَعِي

يَا أَبَا ذَرٍّ أَ تُحِبُّ أَنْ تَدْخُلَ الْجَنَّةَ قُلْتُ نَعَمْ فِدَاكَ أَبِي قَالَ ص فَاقْصِرْ مِنَ الْأَمَلِ وَ اجْعَلِ الْمَوْتَ نُصْبَ عَيْنَيْكَ وَ اسْتَحِ مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُلُّنَا نَسْتَحِي مِنَ اللَّهِ قَالَ لَيْسَ ذَلِكَ الْحَيَاءَ وَ لَكِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ اللَّهِ أَنْ لَا تَنْسَى الْمَقَابِرَ وَ الْبِلَى وَ تَحْفَظَ الْجَوْفَ وَ مَا وَعَى وَ الرَّأْسَ وَ مَا حَوَى وَ مَنْ أَرَادَ كَرَامَةَ الْآخِرَةِ فَلْيَدَعْ زِينَةَ الدُّنْيَا فَإِذَا كُنْتَ كَذَلِكَ أَصَبْتَ وَلَايَةَ اللَّهِ

 يَا أَبَا ذَرٍّ يَكْفِي مِنَ الدُّعَاءِ مَعَ الْبِرِّ مَا يَكْفِي الطَّعَامَ مِنَ الْمِلْحِ

يَا أَبَا ذَرٍّ مَثَلُ الَّذِي يَدْعُو بِغَيْرِ عَمَلٍ كَمَثَلِ الَّذِي يَرْمِي بِغَيْرِ وَتَرٍ

 يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ اللَّهَ يُصْلِحُ بِصَلَاحِ الْعَبْدِ وُلْدَهُ وَ وُلْدَ وُلْدِهِ وَ يَحْفَظُهُ فِي دُوَيْرَتِهِ وَ الدُّورِ حَوْلَهُ مَا دَامَ فِيهِمْ

 يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ رَبَّكَ عَزَّ وَ جَلَّ يُبَاهِي الْمَلَائِكَةَ بِثَلَاثَةِ نَفَرٍ رَجُلٍ فِي أَرْضٍ قَفْرٍ فَيُؤَذِّنُ ثُمَّ يُقِيمُ ثُمَّ يُصَلِّي فَيَقُولُ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي يُصَلِّي وَ لَا يَرَاهُ أَحَدٌ غَيْرِي فَيَنْزِلُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يُصَلُّونَ وَرَاءَهُ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ إِلَى الْغَدِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَ رَجُلٍ قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى وَحْدَهُ فَسَجَدَ وَ نَامَ وَ هُوَ سَاجِدٌ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي رُوحُهُ عِنْدِي وَ جَسَدُهُ سَاجِدٌ وَ رَجُلٍ فِي زَحْفٍ فَرَّ أَصْحَابُهُ وَ ثَبَتَ هُوَ يُقَاتِلُ حَتَّى يُقْتَلَ-

 يَا أَبَا ذَرٍّ مَا مِنْ رَجُلٍ يَجْعَلُ جَبْهَتَهُ فِي بُقْعَةٍ مِنْ بِقَاعِ الْأَرْضِ إِلَّا شَهِدَتْ لَهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ مَا مِنْ مَنْزِلٍ يَنْزِلُهُ قَوْمٌ إِلَّا وَ أَصْبَحَ ذَلِكَ الْمَنْزِلُ يُصَلِّي عَلَيْهِمْ أَوْ يَلْعَنُهُمْ

يَا أَبَا ذَرٍّ مَا مِنْ صَبَاحٍ وَ لَا رَوَاحٍ إِلَّا وَ بِقَاعُ الْأَرْضِ يُنَادِي بَعْضُهَا بَعْضاً يَا جَارَةُ هَلْ مَرَّ بِكِ مَنْ ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى أَوْ عَبْدٌ وَضَعَ جَبْهَتَهُ عَلَيْكِ سَاجِداً لِلَّهِ فَمِنْ قَائِلَةٍ لَا وَ مِنْ قَائِلَةٍ نَعَمْ فَإِذَا قَالَتْ نَعَمْ اهْتَزَّتْ وَ انْشَرَحَتْ وَ تَرَى أَنَّ لَهَا الْفَضْلَ عَلَى جَارَتِهَا

 يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَمَّا خَلَقَ الْأَرْضَ وَ خَلَقَ مَا فِيهَا مِنَ الشَّجَرِ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَرْضِ شَجَرَةٌ يَأْتِيهَا بَنُو آدَمَ إِلَّا أَصَابُوا مِنْهَا مَنْفَعَةً فَلَمْ تَزَلِ الْأَرْضُ وَ الشَّجَرُ كَذَلِكَ حَتَّى تُكَلِّمَ فَجَرَةُ بَنِي آدَمَ بِالْكَلِمَةِ الْعَظِيمَةِ قَوْلَهُمْ‏ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً فَلَمَّا قَالُوهَا اقْشَعَرَّتِ الْأَرْضُ وَ ذَهَبَتْ مَنْفَعَةُ الْأَشْجَارِ

 يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ الْأَرْضَ لَتَبْكِي عَلَى الْمُؤْمِنِ إِذَا مَاتَ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً

يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا كَانَ الْعَبْدُ فِي أَرْضٍ قَفْرٍ فَتَوَضَّأَ أَوْ تَيَمَّمَ ثُمَّ أَذَّنَ وَ أَقَامَ وَ صَلَّى أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْمَلَائِكَةَ فَصَفُّوا خَلْفَهُ صَفّاً لَا يُرَى طَرَفَاهُ يَرْكَعُونَ بِرُكُوعِهِ وَ يَسْجُدُونَ بِسُجُودِهِ وَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى دُعَائِهِ

 يَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ أَقَامَ وَ لَمْ يُؤَذِّنْ لَمْ يُصَلِّ مَعَهُ إِلَّا مَلَكَاهُ اللَّذَانِ مَعَهُ

يَا أَبَا ذَرٍّ مَا مِنْ شَابٍّ تَرَكَ الدُّنْيَا وَ أَفْنَى شَبَابَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ أَجْرَ اثْنَيْنِ وَ سَبْعِينَ صِدِّيقاً-

 يَا أَبَا ذَرٍّ الذَّاكِرُ فِي الْغَافِلِينَ كَالْمُقَاتِلِ فِي الْفَارِّينَ

يَا أَبَا ذَرٍّ الْجَلِيسُ الصَّالِحُ خَيْرٌ مِنَ الْوَحْدَةِ وَ الْوَحْدَةُ خَيْرٌ مِنْ جَلِيسِ السَّوْءِ وَ إِمْلَاءُ الْخَيْرِ خَيْرٌ مِنَ السُّكُوتِ وَ السُّكُوتُ خَيْرٌ مِنْ إِمْلَاءِ الشَّرِّ

يَا أَبَا ذَرٍّ لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِناً وَ لَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ وَ لَا تَأْكُلْ طَعَامَ الْفَاسِقِينَ

 يَا أَبَا ذَرٍّ أَطْعِمْ طَعَامَكَ مَنْ تُحِبُّهُ فِي اللَّهِ وَ كُلْ طَعَامَ مَنْ يُحِبُّكَ فِي اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏

يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عِنْدَ لِسَانِ كُلِّ قَائِلٍ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ امْرُؤٌ وَ لْيَعْلَمْ مَا يَقُولُ

يَا أَبَا ذَرٍّ اتْرُكْ فُضُولَ الْكَلَامِ وَ حَسْبُكَ مِنَ الْكَلَامِ مَا تَبْلُغُ بِهِ حَاجَتَكَ

 يَا أَبَا ذَرٍّ كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِباً أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا يَسْمَعُ-

 يَا أَبَا ذَرٍّ مَا مِنْ شَيْ‏ءٍ أَحَقَّ بِطُولِ السِّجْنِ مِنَ اللِّسَانِ

 يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ وَ إِكْرَامَ حَمَلَةِ الْقُرْآنِ الْعَامِلِينَ وَ إِكْرَامَ السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ

 يَا أَبَا ذَرٍّ مَا عَمِلَ مَنْ لَمْ يَحْفَظْ لِسَانَهُ

 يَا أَبَا ذَرٍّ لَا تَكُنْ عَيَّاباً وَ لَا مَدَّاحاً وَ لَا طَعَّاناً وَ لَا مُمَارِياً

 يَا أَبَا ذَرٍّ لَا يَزَالُ الْعَبْدُ يَزْدَادُ مِنَ اللَّهِ بُعْداً مَا سَاءَ خُلُقُهُ

 يَا أَبَا ذَرٍّ الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ وَ كُلُّ خُطْوَةٍ تَخْطُوهَا إِلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ

 يَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ أَجَابَ دَاعِيَ اللَّهِ وَ أَحْسَنَ عِمَارَةَ مَسَاجِدِ اللَّهِ كَانَ ثَوَابُهُ مِنَ اللَّهِ الْجَنَّةَ فَقُلْتُ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يُعْمَرُ مَسَاجِدُ اللَّهِ قَالَ لَا يُرْفَعُ فِيهَا الْأَصْوَاتُ وَ لَا يُخَاضُ فِيهَا بِالْبَاطِلِ وَ لَا يُشْتَرَى فِيهَا وَ لَا يُبَاعُ فَاتْرُكِ اللَّغْوَ مَا دُمْتَ فِيهَا فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَلَا تَلُومَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا نَفْسَكَ-

 يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعْطِيكَ مَا دُمْتَ جَالِساً فِي الْمَسْجِدِ بِكُلِّ نَفَسٍ تَنَفَّسْتَ فِيهِ دَرَجَةً فِي الْجَنَّةِ وَ تُصَلِّي عَلَيْكَ الْمَلَائِكَةُ وَ يُكْتَبُ لَكَ بِكُلِّ نَفَسٍ تَنَفَّسْتَ فِيهِ عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَ يُمْحَى عَنْكَ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ

 يَا أَبَا ذَرٍّ أَ تَعْلَمُ فِي أَيِّ شَيْ‏ءٍ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ‏ قُلْتُ لَا أَدْرِي فِدَاكَ أَبِي وَ أُمِّي قَالَ فِي انْتِظَارِ الصَّلَاةِ خَلْفَ الصَّلَاةِ

 يَا أَبَا ذَرٍّ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِي الْمَكَارِهِ مِنَ الْكَفَّارَاتِ وَ كَثْرَةُ الِاخْتِلَافِ إِلَى الْمَسَاجِدِ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ-

 يَا أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِنَّ أَحَبَّ الْعِبَادِ إِلَيَّ الْمُتَحَابُّونَ مِنْ أَجْلِي الْمُتَعَلِّقَةُ قُلُوبُهُمْ بِالْمَسَاجِدِ وَ الْمُسْتَغْفِرُونَ بِالْأَسْحَارِ أُولَئِكَ إِذَا أَرَدْتُ بِأَهْلِ الْأَرْضِ عُقُوبَةً ذَكَرْتُهُمْ فَصَرَفْتُ الْعُقُوبَةَ عَنْهُمْ

 يَا أَبَا ذَرٍّ كُلُّ جُلُوسٍ فِي الْمَسْجِدِ لَغْوٌ إِلَّا ثلاث [ثَلَاثَةً] قِرَاءَةُ مُصَلٍّ أَوْ ذِكْرُ اللَّهِ‏ أَوْ سَائِلٌ عَنْ عِلْمٍ

 يَا أَبَا ذَرٍّ كُنْ بِالْعَمَلِ بِالتَّقْوَى أَشَدَّ اهْتِمَاماً مِنْكَ بِالْعَمَلِ فَإِنَّهُ لَا يَقِلُّ عَمَلٌ بِالتَّقْوَى وَ كَيْفَ يَقِلُّ عَمَلٌ يُتَقَبَّلُ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ‏ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ‏

يَا أَبَا ذَرٍّ لَا يَكُونُ الرَّجُلُ مِنَ الْمُتَّقِينَ حَتَّى يُحَاسِبَ نَفْسَهُ أَشَدَّ مِنْ مُحَاسَبَةِ الشَّرِيكِ شَرِيكَهُ فَيَعْلَمَ مِنْ أَيْنَ مَطْعَمُهُ وَ مِنْ أَيْنَ مَشْرَبُهُ وَ مِنْ أَيْنَ مَلْبَسُهُ أَ مِنْ حِلٍّ أَمْ مِنْ حَرَامٍ

يَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ لَمْ يُبَالِ مِنْ أَيْنَ يَكْتَسِبُ الْمَالَ لَمْ يُبَالِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ أَيْنَ أَدْخَلَهُ النَّارَ-

 يَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكُونَ أَكْرَمَ النَّاسِ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ

يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَى اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَكْثَرُكُمْ ذِكْراً لَهُ وَ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَتْقَاكُمْ لَهُ وَ أَنْجَاكُمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَشَدُّكُمْ لَهُ خَوْفاً

 يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ الْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنَ الشَّيْ‏ءِ الَّذِي لَا يُتَّقَى مِنْهُ خَوْفاً مِنَ الدُّخُولِ فِي الشُّبْهَةِ

يَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَدْ ذَكَرَ اللَّهَ وَ إِنْ قَلَّتْ صَلَاتُهُ وَ صِيَامُهُ وَ تِلَاوَتُهُ لِلْقُرْآنِ

 يَا أَبَا ذَرٍّ مِلَاكُ الدِّينِ الْوَرَعُ وَ رَأْسُهُ الطَّاعَةُ

يَا أَبَا ذَرٍّ كُنْ وَرِعاً تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ وَ خَيْرُ دِينِكُمُ الْوَرَعُ-
 يَا أَبَا ذَرٍّ فَضْلُ الْعِلْمِ خَيْرٌ مِنْ فَضْلِ الْعِبَادَةِ وَ اعْلَمْ أَنَّكُمْ لَوْ صَلَّيْتُمْ حَتَّى تَكُونُوا كَالْحَنَايَا وَ صُمْتُمْ حَتَّى تَكُونُوا كَالْأَوْتَارِ مَا يَنْفَعُكُمْ ذَلِكَ إِلَّا بِوَرَعٍ
يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ أَهْلَ الْوَرَعِ وَ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ تَعَالَى حَقّاً
يَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ لَمْ يَأْتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِثَلَاثٍ فَقَدْ خَسِرَ قُلْتُ وَ مَا الثَّلَاثُ فِدَاكَ أَبِي وَ أُمِّي قَالَ وَرَعٌ يَحْجُزُهُ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ وَ حِلْمٌ يَرُدُّ بِهِ جَهْلَ السُّفَهَاءِ وَ خُلُقٌ يُدَارِي بِهِ النَّاسَ
يَا أَبَا ذَرٍّ إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَكُونَ أَقْوَى النَّاسِ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَكُونَ أَكْرَمَ النَّاسِ فَاتَّقِ اللَّهَ وَ إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَكُونَ أَغْنَى النَّاسِ فَكُنْ بِمَا فِي يَدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْثَقَ مِنْكَ بِمَا فِي يَدِكَ
يَا أَبَا ذَرٍّ لَوْ أَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ أَخَذُوا بِهَذِهِ الْآيَةِ لَكَفَتْهُمْ‏ وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ‏

يَا أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي لَا يُؤْثِرُ عَبْدِي هَوَايَ عَلَى هَوَاهُ إِلَّا جَعَلْتُ غِنَاهُ فِي نَفْسِهِ وَ هُمُومَهُ فِي آخِرَتِهِ وَ ضَمَّنْتُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ رِزْقَهُ وَ كَفَفْتُ عَنْهُ ضِيقَهُ وَ كُنْتُ لَهُ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَةِ كُلِّ تَاجِرٍ
يَا أَبَا ذَرٍّ لَوْ أَنَّ ابْنَ آدَمَ فَرَّ مِنْ رِزْقِهِ كَمَا يَفِرُّ مِنَ الْمَوْتِ لَأَدْرَكَهُ كَمَا يُدْرِكُهُ الْمَوْتُ
 يَا أَبَا ذَرٍّ أَ لَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِنَّ قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ تَعَرَّفْ إِلَى اللَّهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ وَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ جَرَى الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَوْ أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ جَهَدُوا أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْ‏ءٍ لَمْ يُكْتَبْ لَكَ مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ وَ لَوْ جَهَدُوا أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْ‏ءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ عَلَيْكَ مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَعْمَلَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالرِّضَا فِي الْيَقِينِ فَافْعَلْ وَ إِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَإِنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْراً كَثِيراً وَ إِنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ وَ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ وَ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً
يَا أَبَا ذَرٍّ اسْتَغْنِ بِغِنَى اللَّهِ يُغْنِكَ اللَّهُ فَقُلْتُ وَ مَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ص غَدَاءُ يَوْمٍ وَ عَشَاءُ لَيْلَةٍ فَمَنْ قَنِعَ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ فَهُوَ أَغْنَى النَّاسِ
 يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ إِنِّي لَسْتُ كَلَامَ الْحَكِيمِ أَتَقَبَّلُ وَ لَكِنْ هَمَّهُ وَ هَوَاهُ فَإِنْ كَانَ هَمُّهُ وَ هَوَاهُ فِيمَا أُحِبُّ وَ أَرْضَى جَعَلْتُ صَمْتَهُ حَمْداً لِي وَ ذِكْراً وَ وَقَاراً وَ إِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ-
يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَ لَا إِلَى أَمْوَالِكُمْ وَ أَقْوَالِكُمْ وَ لَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَ أَعْمَالِكُمْ
يَا أَبَا ذَرٍّ التَّقْوَى هَاهُنَا التَّقْوَى هَاهُنَا وَ أَشَارَ إِلَى صَدْرِهِ
يَا أَبَا ذَرٍّ أَرْبَعٌ لَا يُصِيبُهُنَّ إِلَّا مُؤْمِنٌ الصَّمْتُ وَ هُوَ أَوَّلُ الْعِبَادَةِ وَ التَّوَاضُعُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ حَالٍ وَ قِلَّةُ الشَّيْ‏ءِ يَعْنِي قِلَّةَ الْمَالِ
يَا أَبَا ذَرٍّ هُمَّ بِالْحَسَنَةِ وَ إِنْ لَمْ تَعْمَلْهَا لِكَيْلَا تُكْتَبَ مِنَ الْغَافِلِينَ
 يَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ مَلَكَ مَا بَيْنَ فَخِذَيْهِ وَ بَيْنَ لَحْيَيْهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ إِنَّا لَنُؤَاخَذُ بِمَا تَنْطِقُ بِهِ أَلْسِنَتُنَا قَالَ
يَا أَبَا ذَرٍّ وَ هَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي النَّارِ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ إِنَّكَ لَا تَزَالُ سَالِماً مَا سَكَتَّ فَإِذَا تَكَلَّمْتَ كَتَبَ اللَّهُ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ‏

يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ الرَّجُلَ يَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ فِي الْمَجْلِسِ لِيَنْصَحَكُمْ بِهَا فَهَوَى فِي جَهَنَّمَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ-
يَا أَبَا ذَرٍّ وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ وَ يَكْذِبُ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ وَيْلٌ لَهُ وَيْلٌ لَهُ وَيْلٌ لَهُ
 يَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ صَمَتَ نَجَا فَعَلَيْكَ بِالصِّدْقِ وَ لَا تُخْرِجَنَّ مِنْ فِيكَ كَذِباً أَبَداً قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَوْبَةُ الرَّجُلِ الَّذِي كَذَبَ مُتَعَمِّداً قَالَ الِاسْتِغْفَارُ وَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ تَغْسِلُ ذَلِكَ
 يَا أَبَا ذَرٍّ إِيَّاكَ وَ الْغِيبَةَ فَإِنَّ الْغِيبَةَ أَشَدُّ مِنَ الزِّنَا- قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ لِمَ ذَلِكَ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي قَالَ لِأَنَّ الرَّجُلَ يَزْنِي وَ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ فَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ الْغِيبَةُ لَا تُغْفَرُ حَتَّى يَغْفِرَهَا صَاحِبُهَا
يَا أَبَا ذَرٍّ سِبَابُ الْمُؤْمِنِ فُسُوقٌ وَ قِتَالُهُ كُفْرٌ وَ أَكْلُ لَحْمِهِ مِنْ مَعَاصِي اللَّهِ وَ حُرْمَةُ مَالِهِ كَحُرْمَةِ دَمِهِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا الْغِيبَةُ قَالَ ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ ذَاكَ الَّذِي يُذْكَرُ بِهِ قَالَ اعْلَمْ أَنَّكَ إِذَا ذَكَرْتَهُ بِمَا هُوَ فِيهِ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ وَ إِذَا ذَكَرْتَهُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ
 يَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ ذَبَّ عَنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ الْغِيبَةَ كَانَ حَقّاً عَلَى اللَّهِ أَنْ يُعْتِقَهُ مِنَ النَّارِ
يَا أَبَا ذَرٍّ مَنِ اغْتِيبَ عِنْدَهُ أَخُوهُ الْمُسْلِمُ وَ هُوَ يَسْتَطِيعُ نَصْرَهُ فَنَصَرَهُ نَصَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ فَإِنْ خَذَلَهُ وَ هُوَ يَسْتَطِيعُ نَصْرَهُ خَذَلَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ
 يَا أَبَا ذَرٍّ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ قُلْتُ وَ مَا الْقَتَّاتُ قَالَ النَّمَّامُ
يَا أَبَا ذَرٍّ صَاحِبُ النَّمِيمَةِ لَا يَسْتَرِيحُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي الْآخِرَةِ
 يَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ كَانَ ذَا وَجْهَيْنِ وَ لِسَانَيْنِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ ذُو لِسَانَيْنِ فِي النَّارِ-
 يَا أَبَا ذَرٍّ الْمَجَالِسُ بِالْأَمَانَةِ وَ إِفْشَاءُ سِرِّ أَخِيكَ خِيَانَةٌ فَاجْتَنِبْ ذَلِكَ وَ اجْتَنِبْ مَجْلِسَ الْعَشِيرَةِ
 يَا أَبَا ذَرٍّ تُعْرَضُ أَعْمَالُ أَهْلِ الدُّنْيَا عَلَى اللَّهِ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ فِي يَوْمِ الْإِثْنَيْنِ وَ الْخَمِيسِ فَيُسْتَغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إِلَّا عَبْداً كَانَتْ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ اتْرُكُوا عَمَلَ هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا
يَا أَبَا ذَرٍّ إِيَّاكَ وَ هِجْرَانَ أَخِيكَ فَإِنَّ الْعَمَلَ لَا يُتَقَبَّلُ مَعَ الْهِجْرَانِ
يَا أَبَا ذَرٍّ أَنْهَاكَ عَنِ الْهِجْرَانِ وَ إِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا [فَلَا] تَهْجُرْهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ‏ كَمَلًا فَمَنْ مَاتَ فِيهَا مُهَاجِراً لِأَخِيهِ كَانَتِ النَّارُ أَوْلَى بِهِ
 يَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَاماً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّار
ِ يَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ مَاتَ وَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ إِلَّا أَنْ يَتُوبَ قَبْلَ ذَلِكَ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَيُعْجِبُنِي الْجَمَالُ حَتَّى وَدِدْتُ أَنَّ عِلَاقَةَ سَوْطِي وَ قِبَالَ نَعْلِي حَسَنٌ فَهَلْ يُرْهَبُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ كَيْفَ تَجِدُ قَلْبَكَ قَالَ أَجِدُهُ عَارِفاً لِلْحَقِّ مُطْمَئِنّاً إِلَيْهِ قَالَ لَيْسَ ذَلِكَ بِالْكِبْرِ وَ لَكِنَّ الْكِبْرَ أَنْ تَتْرُكَ الْحَقَّ وَ تَتَجَاوَزَهُ إِلَى غَيْرِهِ وَ تَنْظُرَ إِلَى النَّاسِ وَ لَا تَرَى أَنَّ أَحَداً عِرْضُهُ كَعِرْضِكَ وَ لَا دَمُهُ كَدَمِكَ
يَا أَبَا ذَرٍّ أَكْثَرُ مَنْ يُدْخَلُ النَّارَ الْمُسْتَكْبِرُونَ فَقَالَ رَجُلٌ وَ هَلْ يَنْجُو مِنَ الْكِبْرِ أَحَدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ مَنْ لَبِسَ الصُّوفَ وَ رَكِبَ الْحِمَارَ وَ حَلَبَ الشَّاةَ وَ جَالَسَ الْمَسَاكِينَ-
 يَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ حَمَلَ بِضَاعَتَهُ فَقَدْ بَرِئَ مِنَ الْكِبْرِ يَعْنِي مَا يَشْتَرِي مِنَ السُّوقِ
 يَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
 يَا أَبَا ذَرٍّ إِزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ وَ لَا جُنَاحَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ كَعْبَيْهِ
 يَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ رَفَعَ ذَيْلَهُ وَ خَصَفَ نَعْلَهُ وَ عَفَّرَ وَجْهَهُ فَقَدْ بَرِئَ مِنَ الْكِبْرِ
 يَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ كَانَ لَهُ قَمِيصَانِ فَلْيَلْبَسْ أَحَدَهُمَا وَ لْيُلْبِسِ الْآخَرَ أَخَاهُ
يَا أَبَا ذَرٍّ سَيَكُونُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي يُولَدُونَ فِي النَّعِيمِ وَ يُغَذَّوْنَ بِهِ هِمَّتُهُمْ أَلْوَانُ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ وَ يُمْدَحُونَ بِالْقَوْلِ أُولَئِكَ شِرَارُ أُمَّتِي-
يَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ تَرَكَ لُبْسَ الْجَمَالِ وَ هُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ تَوَاضُعاً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي غَيْرِ مَنْقَصَةٍ وَ أَذَلَّ نَفْسَهُ فِي غَيْرِ مَسْكَنَةٍ وَ أَنْفَقَ مَا جَمَعَهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ وَ رَحِمَ أَهْلَ الذُّلِّ وَ الْمَسْكَنَةِ وَ خَالَطَ أَهْلَ الْفِقْهِ وَ الْحِكْمَةِ طُوبَى لِمَنْ صَلَحَتْ سَرِيرَتُهُ وَ حَسُنَتْ عَلَانِيَتُهُ وَ عَزَلَ عَنِ النَّاسِ شَرَّهُ طُوبَى لِمَنْ عَمِلَ بِعِلْمِهِ وَ أَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ وَ أَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ قَوْلِهِ
 يَا أَبَا ذَرٍّ الْبَسِ الْخَشِنَ مِنَ اللِّبَاسِ وَ الصَّفِيقَ مِنَ الثِّيَابِ لِئَلَّا يَجِدَ الْفَخْرُ فِيكَ مَسْلَكاً
يَا أَبَا ذَرٍّ يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ يَلْبَسُونَ الصُّوفَ فِي صَيْفِهِمْ وَ شِتَائِهِمْ يَرَوْنَ أَنَّ لَهُمُ الْفَضْلَ بِذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِمْ أُولَئِكَ تَلْعَنُهُمْ مَلَائِكَةُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ-
 يَا أَبَا ذَرٍّ أَ لَا أُخْبِرُكَ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ص كُلُّ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِي طِمْرَيْنِ لَا يُؤْبَهُ لَهُ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّه‏