[ 186 ]


ومن خطبة له(عليه السلام)
في التوحيد
وتجمع هذه الخطبة من أصول العلوم ما لا تجمعه خطبة


  مَا وَحَّدَهُ مَنْ كَيَّفَهُ، وَلاَ حَقِيقَتَهُ أَصَابَ مَنْ مَثَّلَهُ، وَلاَ إِيَّاهُ عَنَى مَنْ شَبَّهَهُ، وَلاَ صَمَدَهُ
(1) مَنْ أَشَارَ إِلَيْهِ وَتَوَهَّمَهُ.
 
____________
  
  6. صَمَدَه: قصَدَه.



كُلُّ مَعْرُوف بِنَفْسِهِ مَُصْنُوعٌ
(1)، وَكُلُّ قَائِم فِي سِوَاهُ مَعْلُولٌ.
  فَاعِلٌ لاَ بِاضْطِرَابِ آلَة، مُقَدِّرٌ لاَ بِجَوْلِ فِكْرَة، غَنِيٌّ لاَ بِاسْتِفَادَة.
  لاَ تَصْحَبُهُ الاَْوْقَاتُ، وَلاَ تَرْفِدُهُ
(2) الاَْدَوَاتُ، سَبَقَ الاَْوْقَاتَ كَوْنُهُ، وَالْعَدَمَ وُجُودُهُ، وَالابْتِدَاءَ أَزَلُهُ.
  بِتَشْعِيرِهِ الْمَشَاعِرَ عُرِفَ أَنْ لاَ مَشْعَرَ لَهُ
(3)، وَبِمُضَادَّتِهِ بَيْنَ الاُْمُورِ عُرِفَ أَنْ لاَ ضِدَّ لَهُ، وَبِمُقَارَنَتِهِ بَيْنَ الاَْشْيَاءِ عُرِفَ أَنْ لاَ قَرِينَ لَهُ.
  ضَادَّ النُّورَ بِالظُّلْمَةِ، وَالْوُضُوحَ بِالْبُهْمَةِ، وَالْجُمُودَ بِالْبَلَلِ، وَالْحَرُورَ بِالصَّرَدِ
(4).
  مُؤَلِّفٌ بَيْنَ مُتَعَادِيَاتِهَا، مُقَارِنٌ بَيْنَ مُتَبَايِنَاتِهَا، مُقَرِّبٌ بَيْنَ مُتَبَاعِداتِهَا، مُفَرِّقٌ بَيْنَ مُتَدَانِيَاتِهَا
(5).
 
____________
  1. كل معروف بنفسه مصنوع: أي كل معروف الذات بالكُنْنه مصنوع، لان معرفة الكُنه إنّما تكون بمعرفة أجزاء الحقيقة، فمعروف الكنه مركب، والمركب مفتفر في الوجود لغيره، فهو مصنوع.
  2. تَرْفِدُهُ: أي تعينه.
  3. المَشْعَر ـ كمقعد ـ : محلّ الشعور أي الاحساس، فهو الحاسّة، وتَشْعِيرها: إعدادها للانفعال المخصوص الذي يعرض لها من المواد، وهو ما يسمّى بالاحساس، فالمَشْعَر من حيث هو مَشْعر منفعل دائماً، ولو كان لله مشعر لكان منفعلاً، والمنفعل لا يكون فاعلاً.
  4. الصَرَد ـ محركا ـ : البرد، أصلها فارسية.
  5. مُتَدَانِياتها: متقارباتها كالجزئين من عنصر واحد في جسمين مختلفي المزاج.



لاَ يُشْمَلُ بِحَدّ، وَلاَ يُحْسَبُ بِعَدٍّ، وَإِنَّمَا تَحُدُّ الاَْدَوَاتُ أَنْفُسَهَا، وَتُشِيرُ الاْلاَتُ إِلَى نَظَائِرِهَا، مَنَعَتْهَا «مُنْذُ» الْقِدْمَةَ، وَحَمَتْهَا «قَدُ» الاَْزَلِيَّةَ، وَجَنَّبَتْهَا «لَوْلاَ» التَّكْمِلَةَ
(1)! بِهَا تَجَلَّى صَانِعُهَا لِلْعُقُولِ، وَبِهَا امْتَنَعَ عَنْ نَظَرِ الْعُيُونِ.
  لاَ يَجْرِي عَلَيْهِ السُّكُونُ وَالْحَرَكَةُ، وَكَيْفَ يَجْرِي عَلَيْهِ مَا هُوَ أَجْرَاهُ، وَيَعُودُ فِيهِ مَا هُوَ أَبْدَاهُ، وَيَحْدُثُ فِيهِ مَا هُوَ أَحْدَثَةُ ؟! إِذاً لَتَفَاوَتَتْ ذَاتُهُ
(2)، وَلَتَجَزَّأَ كُنْهُهُ، وَلاَمْتَنَعَ مِنَ الاَْزَلِ مَعْنَاهُ، وَلَكَانَ لَهُ وَرَاءٌ إِذْ وُجِدَ لَهُ أَمَامٌ، وَلاَلْـتَمَسَ الـتََّمامَ إِذْ لَزِمَهُ النُّقْصَانُ. وَإِذاً لَقَامَتْ آيَةُ الْمَصْنُوعِ فِيهِ، وَلَتَحَوَّلَ دَلِيلاً بَعْدَ أَنْ كَانَ مَدْلُولاً عَلَيْهِ، وَخَرَجَ بِسُلْطَانِ الاْمْتِنَاعِ(3) مِنْ أَنْ يُؤَثِّرَ فِيهِ مَا يُؤثِّرُ فِي غَيْرِهِ.
  الَّذِي لاَ يَحُولُ وَلاَ يَزُولُ، وَلاَ يَجُوزُ عَلَيْهِ الاُْفُولُ
(4).
 
____________
  1. كل مخلوق يقال فيه: قد وجد، ووجد منذ كذا، وهذا مانع للقدم والازلية، وكل مخلوق يقال فيه: لولا خالقه ما وجد، فهو ناقص لذاته محتاج للتكملة بغيره.
  2. لَتَفَاوَتَتْ ذاته: أي لا ختلفت باختلاف الاعراض عليها ولتجزّأت حقيقته، فان الحركة والسكون من خواصّ الجسم وهو منقسم.
  3. سلطان الامتناع: هو سلطان العزّة الازلية.
  4. الاُفُول: من أفَلَ النجمُ إذا غاب.



لَمْ يَلِدْ فَيَكُونَ مَوْلُوداً
(1)، وَلَمْ يُولَدْ فَيَصِيرَ مَحْدُوداً، جَلَّ عَنِ اتِّخَاذِ الاْبْنَاءِ، وَطَهُرَ عَنْ مُلاَمَسَةِ النِّسَاءِ.
  لاَ تَنَالُهُ الاَْوْهَامُ فَتُقَدِّرَهُ، وَلاَ تَتَوَهَّمُهُ الْفِطَنُ فَتُصَوِّرَهُ، وَلاَ تُدْرِكُهُ الْحَوَاسُّ فَتُحِسَّهُ، وَلاَ تَلْمِسُهُ الاَْيْدِي فَتَمَسَّهُ.
  وَلاَ يَتَغَيَّرُ بِحَال، وَلاَ يَتَبَدَّلُ فِي الاَْحْوَالِ، وَلاَ تُبْلِيهِ اللَّيَالي وَالاَْيَّامُ، وَلاَ يُغَيِّرُهُ الضِّيَاءُ وَالظَّلاَمُ، وَلاَ يُوصَفُ بِشَيء مِنَ الاَْجْزَاءِ
(2)، وَلاَ بِالجَوَارِحِ وَالاَْعْضَاءِ، وَلاَ بِعَرَض مِنَ الاَْعْرَاضِ، وَلاَ بِالْغَيْرِيَّةِ وَالاَْبْعَاضِ.
  وَلاَ يُقَالُ: لَهُ حَدٌّ وَلاَ نِهَايَةٌ، وَلاَ انقِطَاعٌ وَلاَ غَايَةٌ، وَلاَ أَنَّ الاَْشْيَاءَ تَحْوِيهِ فَتُقِلَّهُ
(3) أَوْ تُهْوِيَهُ(4)، أَوْ أَنَّ شَيْئاً يَحْمِلُهُ، فَيُمِيلَهُ أَوْ يُعَدِّلَهُ.
  لَيْسَ فِي الاَْشْيَاءِ بِوَالِج
(5)، وَلاَ عَنْهَا بِخَارِج.
 
____________
  1. المراد بالمولود: المتولد عن غيره، سواء أكان بطريق التناسل المعروف أم بطريق النشوء كتولد النبات عن العناصر، ومن ولد له كان متولداً باحدى الطريقتين.
  2. لا يوصف بشيء من الاجزاء: أي لايقال: ذوجزء كذا ولا ذوعضو كذا.
  3. تُقلّه: أي ترفعه.
  4. تُهْويه: أي تحطه وتسقطه.
  5. والِج: أي داخل.



يُخْبِرُ لاَ بِلِسَان وَلَهوَات
(1)، وَيَسْمَعُ لاَ بِخُروُق وَأَدَوَات، يَقُولُ وَلاَ يَلْفِظُ، وَيَحْفَظُ وَلاَ يَتَحَفَّظُ(2)، وَيُرِيدُ وَلاَ يُضْمِرُ.
  يُحِبُّ وَيَرْضَى مِنْ غَيْرِ رِقَّة، وَيُبْغِضُ وَيَغْضَبُ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّة.
  يَقُولُ لِمَا أَرَادَ كَوْنَهُ:
(كُنْ فَيَكُونَُ)، لاَ بِصَوْت يَقْرَعُ، وَلاَ بِنِدَاء يُسْمَعُ، وَإِنَّمَا كَلاَمُهُ سُبْحَانَهُ فِعْلٌ مِنْهُ أَنْشَأَهُ وَمَثَّلَهُ، لَمْ يَكُنْ مِنْ قَبْلِ ذلِكَ كَائِناً، وَلَوْ كَانَ قَدِيماً لَكَانَ إِلهاً ثَانِياً.
  لاَ يُقَالُ: كَانَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، فَتَجْرِيَ عَلَيْهِ الصِّفَاتُ الْـمُحْدَثَاتُ، وَلاَ يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ فَصْلٌ، وَلاَ لَهُ عَلَيْهَا فَضْلٌ، فَيَسْتَوِيَ الصَّانِعُ والْمَصْنُوعُ، وَيَتَكَافَأَ المُبْتَدَعُ وَالْبَدِيعُ.
  خَلَقَ الْخَلاَئِقَ عَلَى غَيْرِ مِثَال خَلاَ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَمْ يَسْتَعِنْ عَلَى خَلْقِهَا بِأَحَد مِنْ خَلْقِهِ.
  وَأَنْشَأَ الاَْرْضَ فَأَمْسَكَهَا مِنْ غَيْرِ اشْتِغَال، وَأَرْسَاهَا عَلَى غَيْرِ قَرَار، وَأَقَامَهَا بِغَيْرِ قَوَائِمَ، وَرَفَعَهَا بِغَيْرِ دَعائِمَ، وَحَصَّنَهَا مِنَ الاَْوَدَ
(3) وَالاِْعْوِجَاجِ،
____________
  1. اللهَوات ـ بفتح الهاء ـ جمع لهَاة: اللحمة في سقف أقصى الفم.
  2. لا يتحفّظ: أي لا يتكلف الحفظ
(ولا يؤودُهُ حفْظُهُما وهو العليّ العظيم)
  3. الاَوَد: الاعْوِجاج.



وَمَنَعَهَا مِنَ التَّهَافُتِ
(1) وَالانْفِرَاجِ(2)، أَرْسَى أَوْتَادَهَا(3)، وَضَرَبَ أَسْدَادَهَا(4)، وَاسْتَفَاضَ عُيُونَهَا، وَخَدَّ(5) أَوْدِيَتَهَا، فَلَمْ يَهِنْ(6) مَا بَنَاهُ، وَلاَ ضَعُفَ مَا قَوَّاهُ.
  هُوَ الظّاهِرُ عَلَيْهَا بِسُلْطَانِهِ وَعَظَمَتِهِ، وَهُوَ الْبَاطِنُ لَهَا بِعِلْمِهِ وَمَعْرِفَتِهِ، وَالْعَالي عَلَى كَلِّ شَيْء مِنهَا بِجَلاَلِهِ وَعِزَّتِهِ.
  لاَ يُعْجِزُهُ شَيْءٌ مِنْهَا طَلَبَهُ، وَلاَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ فَيَغْلِبَهُ، وَلاَ يَفُوتُهُ السَّرِيعُ مِنْهَا فَيَسْبِقَهُ، وَلاَ يَحْتَاجُ إِلَى ذِي مَال فَيَرْزُقَهُ.
  خَضَعَتِ الاَْشْيَاءُ لَهُ، وَذَلَّتْ مُسْتَكِينَةً لِعَظَمَتِهِ، لاَ تَسْتَطِيعُ الْهَرَبَ مِنْ سُلْطَانِهِ إِلَى غَيْرِهِ فَتَمْتَنِعَ مِنْ نَفْعِهِ وَضَرِّهِ، وَلاَ كُفؤَ لَهُ فَيُكَافِئَهُ، وَلاَ نَظِيرَ لَهُ فَيُسَاوِيَهُ. هُوَ الْمُفْنِي لَهَا بَعْدَ وُجُودِهَا، حَتَّى يَصِيرَ مَوْجُودُهَا
____________
  1. التَهَافُت: التساقط قطعةً قطعة.
  2. الانفراج: الانشقاق.
  3. الاوتاد: جمع وَتِد، ويراد به هنا الحبل.
  4. الاسْداد: جمع سَدّ، والمراد بها الجبال أيضاً.
  5. خَدّ: أي شقّ.
  6. يَهِن ـ من الوَهْن ـ : بمعنى الضعف.



كَمَفْقُودِهَا.
  وَلَيْسَ فَنَاءُ الدُّنْيَا بَعْدَ ابْتِدَاعِهَا بِأَعْجَبَ مِنْ إنْشَائِهَا وَاخْتِرَاعِهَا، وَكَيفَ وَلَوْ اجْتَمَعَ جَمِيعُ حَيَوانِهَا مِنْ طَيْرِهَا وَبَهَائِمِهَا، ومَا كَانَ مِنْ مُرَاحِهَا
(1) وَسَائِمِهَا(2)، وَأَصْنَافِ أَسْنَاخِهَا(3) وَأَجْنَاسِهَا، وَمُتَبَلِّدَةِ(4) أُمَمِهَا وَأَكْيَاسِهَا(5)، عَلَى إِحْدَاثِ بَعُوضَة، مَا قَدَرَتْ عَلَى إِحْدَاثِهَا، وَلاَ عَرَفَتْ كَيْفَ السَّبِيلُ إِلَى إِيجَادِهَا، وَلَتَحَيَّرَتْ عُقُولُهَا فِي عِلْمِ ذلِكَ وَتاهَتْ، وَعَجِزَتْ قُوَاهَا وَتَنَاهَتْ، وَرَجَعَتْ خَاسِئَةً(6) حَسِيرَةً(7)، عَارِفَةً بِأَنَّهَا مَقْهُورَةٌ، مُقِرَّةً بِالْعَجْزِ عَنْ إِنْشَائِهَا، مُذْعِنَةً بِالضَّعْفِ عَنْ إفْنَائِهَا؟!
  وَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ، يَعُودُ بَعْدَ فَنَاءِ الدُّنْيَا وَحْدَهُ لاَ شَيْءَ مَعَهُ، كَمَا كَانَ قَبْلَ
____________
  1. مُرَاحها ـ بضم الميم ـ : اسم مفعول من أراح الابلَ، رَدّها إلى المُراح ـ بالضم كالمُناخ ـ أي المأوى. 2. السائم: الراعي، يريد ما كان في مأواه وما كان في مرعاه.
  3. الاسناخ: الاصول، والمراد منها الانواع، أي الاصناف الداخلة في أنواعها.
  4. المتبلِّدة: أي الغبية.
  5. الاكياس: جمع كيّس ـ بالتشديد ـ : العاقل الحاذق.
  6. الخاسىء: الذليل.
  7. الحَسيِر: الكالّ المُعْيي.



ابْتِدَائِهَا، كَذلِكَ يَكُونُ بَعْدَ فَنَائِهَا، بِلاَ وَقْت وَلاَ مَكَان، وَلاَ حِين وَلاَ زَمَان، عُدِمَتْ عِنْدَ ذلِكَ الاْجَالُ وَالاَْوْقَاتُ، وَزَالَتِ السِّنُونَ وَالسَّاعَاتُ، فَلاَ شَيْءَ إِلاَّ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ الَّذِي إِلَيْهِ مَصِيرُ جَمِيعِ الاُْمُورِ، بِلاَ قُدْرَة مِنْهَا كَانَ ابْتِدَاءُ خَلْقِهَا، وَبِغَيْرِ امْتِنَاع مِنْهَا كَانَ فَنَاؤُهَا، وَلَوْ قَدَرَتْ عَلَى الامْتِنَاعِ لَدَامَ بَقَاؤُهَا.
  لَمْ يَتَكَاءَدْهُ
(1) صُنْعُ شَيْء مِنْهَا إِذْ صَنَعَهُ، وَلَمْ يَؤُدْهُ(2) مِنْهَا خَلْقُ مَا بَرَأَهُ(3) وَخَلَقَهُ، وَلَمْ يُكَوِّنْهَا لِتَشْدِيدِ سُلْطَان، وَلاَ لِخَوْف مِنْ زَوَال وَنُقْصَان، وَلاَ لِلاْسْتِعَانَةِ بِهَا عَلَى نِدٍّ(4) مُكَاثِر(5)، وَلاَ لِلاْحْتِرَازِ بِهَا مِنْ ضِدٍّ مُثَاوِر(6)، وَلاَ لِلاْزْدِيَادِ بِهَا فِي مُلْكِهِ، وَلاَ لِمُكَاثَرَةِ شَرِيك فِي شِرْكِهِ، وَلاَ لِوَحْشَة كَانَتْ
____________
  1. لم يَتَكَاءَدْهُ: لم يشق عليه.
  2. لم يَؤُدْه: لم يُثْقِلْه.
  3. بَرَأهُ: مرادف لخلقه. 4. النِّد ـ بكسر النون ـ : المِثْل.
  5. المكاثَرة: المغالبة بالكثرة، يقال: كاثره فكثره أي غلبه.
  6. المُثاوِر: المواثب المهاجم.



مِنْهُ، فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَأْنِسَ إِلَيْهَا.
  ثُمَّ هُوَ يُفْنِيهَا بَعْدَ تَكْوِينِهَا، لاَ لِسَأَم دَخَلَ عَلَيْهِ فِي تَصْرِيفِهَا وَتَدْبِيرِهَا، وَلاَ لِرَاحَة وَاصِلَة إِلَيْهِ، وَلاَ لِثِقَلِ شَيْء مِنْهَا عَلَيْهِ.
  لاَ يُمِلُّهُ طُولُ بَقَائِهَا فَيَدْعُوَهُ إِلَى سُرْعَةِ إِفْنَائِهَا، لكِنَّهُ سُبْحَانَهُ دَبَّرَهَا بِلُطْفِهِ، وَأمسَكَهَا بِأَمْرِهِ، وَأَتْقَنَهَا بِقُدْرَتِهِ.
  ثُمَّ يُعِيدُهَا بَعْدَ الْفَنَاءِ مِنْ غَيْرِ حَاجَة مِنْهُ إِلَيْهَا، وَلاَ اسْتِعَانَة بَشَيْء مِنْهَا عَلَيْهَا، وَلاَ لاِنصِرَاف مِنْ حَال وَحْشَة إلَى حَالِ اسْتِئْنَاس، وَلاَ مِنْ حَالِ جَهْل وَعَمىً إِلَى [حَالِ ]عِلْم وَالِْتمَاس، وَلاَ مِنْ فَقْر وَحَاجَة إِلَى غِنىً وَكَثْرَة، وَلاَ مِنْ ذُلٍّ وَضَعَة إِلَى عِزٍّ وَقُدْرَة.




المصدر:
نهج البلاغة