عن جابر بن يزيد الجعفي قال : دخلت على الإمام الباقر ( عليه السلام ) فقال : يا جابر والله إنّي لمحزون وإنّي لمشغول القلب قلت : جعلت فداك وما شغلك ؟ وما حزن قلبك ؟ فقال : يا جابر إنّه من دخل قلبه صافي خالص دين الله شغل قلبه عما سواه ، يا جابر ما الدنيا وما عسى أن تكون الدنيا هل هي إلاّ طعام أكلته أو ثوب لبسته أو امرأة أصبتها ؟ ! يا جابر إنّ المؤمنين لم يطمئنوا إلى الدنيا ببقائهم فيها ولم يأمنوا قدومهم الآخرة ; يا جابر الآخرة دار قرار والدنيا دار فناء وزوال ولكن أهل الدنيا أهل غفلة وكان المؤمنين هم الفقهاء أهل فكرة وعبرة لم يصمهم عن ذكر الله جل اسمه ما سمعوا بآذانهم ولم يعمهم عن ذكر الله ما رأوا من الزينة بأعينهم ففازوا بثواب الآخرة كما فازوا بذلك العلم . واعلم يا جابر أنّ أهل التقوى أيسر أهل الدنيا مؤونة وأكثرهم لك معونة تذكر فيعينونك وان نسيت ذكروك قوّالون بأمر الله قوّامون على أمر الله قطعوا محبّتهم بمحبّة ربّهم ووحشوا الدنيا لطاعة مليكهم ونظروا إلى الله عزّ وجلّ وإلى محبته بقلوبهم وعلموا أنّ ذلك هو المنظور إليه لعظيم شأنه فأنزل الدنيا كمنزل نزلته ثمّ ارتحلت عنه أو كمال وجدته في منامك فاستيقظت وليس معك منه شيء [ إنّي ] إنّما ضربت لك هذا مثلا لأنّها عند أهل اللب والعلم بالله كفيىء الظلال يا جابر فاحفظ ما استرعاك الله جلّ وعز من دينه وحكمته ولا تسألن عما لك عنده إلاّ ما له عند نفسك ، فإن تكن الدنيا على غير ما وصفت لك فتحوّل إلى دار المستعتب فلعمري لرُبّ حريص على أمر قد شقي به حين أتاه ولرُبّ كاره لأمر قد سعد به حين أتاه وذلك قول الله عزّ وجلّ ( وليمحّص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين )




المصدر:
بحار الأنوار