26. حق المنعم على مولاه وَأَمّــــــــــــا حَقُّ الْمُنْعِمِ عَلَيْكَ بالْولاءِ1 فَــأَنْ تَعْلَمَ أَنّهُ أَنفَقَ فِيكَ مَالَـــهُ، وَأَخرَجَكَ مِن ذُلِّ الرِّقِ وَوَحْشَــــــــــــــتِهِ إلَى عِزِّ الحُرِّيةِ وأُنسِهـــــا، وَأَطْلَقَكَ مِنْ أَسْرِ الْمِلْكَةِ، وَفَـــــكَّ عَنْكَ حـــــِلَقَ الْعُبُودِيَّةِ2، وَأَوْجَدَكَ رَائِحَة الْعِزِّ، وَأَخرَجَكَ مِنْ سِجْنِ القَهْرِ، وَدَفَـــــــــــعَ عَنْكَ الْعُسْرَ، وبَسَطَ لَكَ لِسَـــــــــــانَ الإنْصَافِ، وَأَبَاحَكَ الدُنْيَــــــــا كُلَّهَا فَمَلَّكَكَ نفْسَــــــكَ، وَحَلَّ أَسْرَكَ، وَفَرَّغَكَ لِعِبَادَةِ رَبكَ، وَاحْتَمَلَ بذَلِكَ التَّقْصِيرَ فِي مَالِهِ، فَتَعْلَـــــــــــمَ أَنّهُ أَوْلَى الخَلْقِ بكَ بَعْـــــدَ أُولي رَحِمِكَ فِي حَيَاتِكَ وَمَوْتِكَ، وَأَحَقَّ الخَــــــــــــــلْقِ بنَصْرِكَ وَمَعُونَتِكَ وَمُكَانفَتِكَ فِي ذَات اللَّهِ، فَلا تُؤثِرْ عَلَيْهِ نفْسَكَ مَا احْتَاجَ إلَيْكَ.

27. حق المولى الجارية عليه نعمتك وَأَمَّـــــــــــــــــا حَقُّ مَوْلاكَ3الْجَارِيَةِ عَلَيْهِ نِعْمَتُكَ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنَّ اللهَ جَعَلَكَ حَــامِيَةً عَلَيْهِ، وَوَاقِيَــــــــــــةً وناصِرًا وَمَعْقِلاً، وَجَعَلَهُ لَكَ وَسِيلَةً وَسَبَباً بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ فَبالْحَرِيِّ أَنْ يَحْجُبَكَ عَنِ النَّــــــــــــــارِ فَيَكُونَ فِي ذَلِكَ ثَوَابٌ مِنْهُ فِي الآجِلِ، ويَحْكُمُ لَكَ بمِيرَاثِهِ فِي الْعَاجِلِ إذَا لم يَكُنْ لَهُ رَحِــــــــــــــــــمٌ، مُكَافَأَةً لِمَـــــــــــا أَنفَقْتَهُ مِنْ مَالِكَ عَلَيْــــــــــهِ وَقُمْتَ بهِ مِنْ حَقِّـــــهِ بَعْدَ إنفَاقِ مَالِكَ، فَإنْ لَمْ تَقُمْ بحَقِّهِ خِيفَ عَلَيْكَ أَنْ لا يَطِيبَ لَكَ مِيرَاثُهُ. وَلا قُوَّةَ إلا باللهِ.

28. حق ذي المعروف وَأمّا حَقُّ ذِي المَعْرُوفِ عَلَيكَ فَـــــــأَنْ تَشْكُرَهُ وتَذْكُرَ مَعْرُوفَهُ وتَنْشُرَ لَهُ الْمَقَــــــــــالَةَ الْحَسَنَةَ، وَتُخلِصَ لَهُ الدُّعَـــــاءَ فِيمَــــا بَينَكَ وبَيْنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، فَإنّكَ إذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ كُنْتَ قَدْ شَكَرْتَهُ سِرًّا وَعَلانِيَـةً. ثُمَّ إنْ أَمْكَنَ مُكَافَأَتَهُ بالْفِعْلِ كَافَأتَهُ وإلاّ كُنْتَ مُرْصِدًا لَهُ مُوطِّنًا نَفْسَكَ عَلَيْهَا.

29. حق المؤذن وَأمّا حَقُّ الْمُؤَذِّنِ فَأَنْ تَعْلَمَ أنّهُ مُذَكِّرُكَ برَبكَ وَدَاعِـــــيكَ إلَى حَظِّكَ وَأَفْضَلُ أَعْوَانِكَ عَلَى قَضَـــــــــــاءِ الْفَرِيضَةِ الَّتِي افتَرَضَهَا اللهُ عَلَيْكَ فَتَشْكُرَهُ عَلَى ذَلِكَ شُكْرَكَ لِلْمُحْسِنِ إلَيكَ. وَإنْ كُنْتَ فِي بَيْتِكَ مُهْتَمًّا لِذَلِكَ لَمْ تَكُنْ للهِ فِي أَمْرِهِ مُتَّهِمــــــاً وَعَلِمْتَ أنَّهُ نِعْمَةٌ مِن اللَّهِ عَلَيْكَ، لا شَكَّ فِيهَــــا، فَــــــــــــأَحْسِنْ صُحْبَةَ نِعْمَةِ اللَّهِ بحَمْدِ اللَّهِ عَلَيْهَــــــا عَلَى كُلِّ حَال. وَلا قُوَّةَ إلا باللهِ.

30. حق الإمام في الصلاة وَأمّا حَقُّ إمَامِكَ فِي صَلاتِكَ فَــــــــــــــــــأَنْ تَعلَمَ أنّهُ قَدْ تَقَلَّدَ السِّفَارَةَ فِيمَــــا بَيْنَكَ وبَيْنَ اللَّهِ وَالْوِفَادَةَ إلَى رَبكَ، وتَكَلَّمَ عَنْكَ وَلَمْ تَتَكَلَّـــــمْ عَنْهُ، وَدعَا لَكَ وَلَمْ تَدْعُ لَهُ، وَطَلَبَ فِيكَ وَلَـــــــــــــــــمْ تَطْلُبْ فِيهِ، وَكَفَاكَ هَمَّ الْمَقَــــــــامِ بَينَ يدي اللهِ وَالمُسَـــــــــاءَلَةَ لَهُ فِيكَ وَلَمْ تَكْفِهِ ذَلِكَ، فَــــــــــــإنْ كَانَ فِي شَيْء مِنْ ذَلِكَ تَقْصِيرٌ كَانَ بهِ دُونَكَ، وَإنْ كَانَ آثِمـــــــــــــاً لَمْ تَكُنْ شَرِيكَهُ فِيهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيكَ فَضلٌ، فَوقَى نَفْسَكَ بنَفْســـــــــــــــِهِ، وَوَقَى صـَلاتَكَ بصَلاتِهِ، فَتَشْكُرَ لَهُ عَلَى ذلِكَ. ولا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلا باللهِ.

31. حق الجليس وَأمّــــا حَقُّ الجَلِيسِ فَأَنْ تُلِينَ لَهُ كَنَفَكَ4، وَتُطِيبَ لَهُ جَانِبَكَ، وَتُنْصِفَهُ فِي مُجَارَاةِ اللَّفْظِ5 ولا تُغْرِق6 فِي نَزْعِ اللَّحْــظِ إذَا لَحَظْتَ وتَقْصُدَ فِي اللَّفْظِ إلَى إفْهَــــــــامِهِ إذَا لَفَظْتَ. وَإنْ كُنْتَ الْجَلِيــــــــــــــــــسَ إلَيْهِ كُنْتَ فِي الْقِيَـــــــــــــــامِ عَنْهُ بالْخِيَارِ وَإنْ كَانَ الجَالِسَ إلَيكَ كَانَ بالخِيَـــــــــارِ. ولا تَقُومُ إلا بــإذْنِهِ.7 وَلا قُوَّةَ إلا باللهِ.

32. حق الجار وَأمّــا حَقُّ الجَارِ فَحِفْظُهُ غَائِبًا وَكَرَامَتُهُ شَاهِدًا ونُصْرَتُهُ وَمَعُونتُهُ فِي الحَـالَينِ جَمِيعــاً.8 لا تَتَّبعْ لَهُ عَوْرَةً ولا تَبحَثْ لَهُ عَنْ سَوْءَ(ة) لِتَعْرِفَهَــــــــــا، فَإنْ عَرَفْتَهَــــــا مِنْهُ عَنْ غَيْرِ إرَادَة مِنْكَ وَلا تَكَلُّف كُنْتَ لِمَــــا عَلِمْتَ حِصْنـــاً حَصِينـــاً وَسِتْرًا سَــــــــــــتِيرًا، لَوْ بَحَثتِ الأَسِنَّةُ عَنْهُ ضَمِيرًا لَمْ تَتَّصِلْ إلَيْه لانطِوَائِهِ عَلَيهِ. لا تَسْــتَمِعْ عَلَيهِ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَـــمُ. لا تُسَلِّمْهُ عِنْدَ شَـــــــــــديدَة، ولا تَحْسُدْهُ عِنْـــــــــــدَ نِعْمَة. تُقِيلُ عَثْرَتهُ وتَغْفِرْ زَلَّتَـــــــــهُ. ولا تَدَّخِرْ حِلْمَكَ عَنْهُ إذَا جَهِلَ عَلَيْــــــــــــــــــكَ، ولا تَخرُجْ أَنْ تَكُونَ سُلَّمًا لَهُ. تَرُدُّ عَنهُ لِسَانَ الشَّتِيمَةِ، وَتُبْطِلُ فِيهِ كَيْدَ حَـــــــــــامِلِ النَّصِيحَةِ، وَتُعَــــــاشِرَهُ مُعَاشَرَةً كَرِيمَةً. وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلا باللهِ.

33. حق الصاحب وَأمـــــــــــــّا حَقُّ الصَّاحِب فَأَنْ تَصْحَبَهُ بالفَضلِ مَـــــــا وَجَدْتَ إلَيهِ سَبيلاً وإلا فَلا أَقَلَّ مِنَ الإنصَــــــــافِ، وَأَنْ تُكْرِمَهُ كَمَا يـُكْرِمُكَ، وَتـحْفَظَـــــــــــــــــهُ كَمَا يـَحْفَظُكَ، ولا يَسْبقَكَ فِيمَــا بَينَكَ وبَينَهُ إلَى مـَكْرَمَة، فَـــــــــــــإنْ سَبَقَكَ كَافَـــأتَهُ. ولا تُقَصِّرَ بهِ عَمَّا يَسْتَحِقُّ مِنَ الْمَوَدَّةِ. تُلْزِمُ نفْسَكَ نصِيحَتَهُ وَحِيَـــــــــاطَتَهُ وَمُعَاضَدتَهُ عَلَى طَـــــاعَةِ رَبهِ وَمَعُونتَهُ عَلَى نَفْسِهِ فِيمَــــــــا لا يَهُمُّ بهِ مِنْ مَعْصِيةِ رَبهِ، ثُمَّ تَكُونُ (عَلَيْهِ) رَحْمَةً ولا تَكُونُ عَلَيهِ عَذَاباً. ولا قُوَّةَ إلا باللهِ.

34. حق الشريك وَأمّــا حَقُّ الشَّرِيكِ، فَإنْ غَابَ كَفَيْتَـــــــــــــــــهُ، وَإنْ حَضَرَ سَــــــــــــاويْتَهُ، ولا تَعْزِمْ عَلَى حُكْمِكَ دُونَ حُكْمِـــــهِ، وَلا تَعمَــــــــــــــــــلْ برَأْيكَ دُونَ مُنــــاظَرَتهِ، وتَحْفَظُ عَلَيْهِ مَالَهُ وَتنْفِي عَنْهُ خِيَانتَهُ فِيمَـا عَزَّ أَو هَانَ فَإنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ "يَدَ اللهِ عَلَى الشَّرِيـكَيْنِ مَــــــــــــــــــا لَمْ يَتَخاوَنا". ولا قُوَّةَ إلا باللهِ.

35. حق المال وَأمّا حَقُّ المَالِ، فَأَنْ لا تَأْخُذَهُ إلاّ مِنْ حِلِّهِ، ولا تُنْفِقَهُ إلاّ فِي حِلِّهِ، وَلا تُحَرِّفْــــــــــــــــــهُ عَنْ مَـــــــــوَاضِعِهِ، ولا تَصْرِفَهُ عَنْ حَقَـــــــــــــــائِقِهِ، ولا تَجْعَلْهُ إذا كَانَ مِنَ اللَّهِ إلاّ إلَيهِ وَسَبَباً إلَى اللَّهِ. ولا تُـــــــــؤثِرَ بهِ عَلَى نفْسِـــــــكَ مَنْ لَعَلَّهُ لا يَحْمَدُكَ، وَبالْحَرِيِّ أَنْ لا يُحْســـــــــــــــِنَ خِلافَتَــــــــهُ فِي تَرِكَتِكَ9 ولا يَعْمَلُ فِيهِ بطَـــــــــاعَةِ ربكَ فَتَكُونَ مُعِينًا لَهُ عَلَى ذلِكَ أَو بمَـــــــا أَحْدَثَ فِي مَالِكَ أَحْسَنَ نَظَرًا لِنَفْسِهِ، فَيَعْمَلَ بطَاعَةِ رَبهِ فَيَذْهَبَ بالْغَنِيمَةِ وتَبُوءَ بالإثمِ وَالْحَسْرَةِ وَالنَّدَامَةِ مَعَ التَّبعَةِ.10 وَلا قُوَّةَ إلا باللهِ.

36. حق الغريم الطالب وَأمّا حَقُّ الغَرِيمِ الطَّالِب لَكَ،11 فَإنْ كُنْتَ مُوسِرًا أَوفَيتَهُ وَكَفَيتَهُ وَأَغْنَيتَهُ وَلَـــــــــــمْ ترْدُدْهُ وتَمْطُلْهُ فَإنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ - قَالَ - "مَـطَلُ الغَنِيَّ ظُلْـــــــــــــــمٌ". وَإنْ كُنْتَ مُعْسِرًا أَرْضَيتَــــــــــــــهُ بحُسْنِ القَوْلِ وَطَلَبتَ إلَيهِ طَلَباً جَـــمِيلاً وَرَدَدتَهُ عَنْ نفْسِكَ ردًّا لَطِيفًا، وَلَمْ تَجْمَعَ عَلَيْهِ ذهَابَ مَالِهِ وَسُوءَ مُعَامَلَتِهِ فَإنَّ ذلِكَ لؤمٌ. ولا قُوَّةَ إلاّ باللهِ.

37. حق الخليط وَأمّــــــا حَقُّ الخَلِيطِ12 فَأَنْ لا تَغُرَّهُ ولا تَغُشَّـهُ ولا تُكَذِبَهُ ولا تُغَفِّلَهُ ولا تَخــــــــدَعَهُ ولا تَعمَلْ فِي انتِقَـــاضِهِ عَمَلَ الْعَدُوِّ الَّذِي لا يُبقِي عَلَى صَـــــــاحِبهِ وَإنِ اطْمَأَنَّ إلَيكَ اسْتَقْصَيتَ لَهُ عَلَى نفْسِـكَ13 وَعَلِمْتَ أَنَّ غَبْنَ الْمُسْتَرْسِلِ رِِبًا. ولا قُوَّةَ إلا باللهِ.

38. حق الخصم حق الخصم المدعي عليك وَأمّــــــــا حَقُّ الخَصْمِ المُدَّعِي عَلَيْكَ، فَإنْ كَانَ مَا يَدَّعِي عَلَيكَ حَقّــــــــاً لَمْ تنفَسِخ فِي حُجَّتِهِ وَلَمْ تَعمَلْ فِي إبطَـــــالِ دَعْوَتِهِ وَكُنْتَ خَصْــــــــــمَ نفْسِكَ لَهُ والحَـــاكِمَ عَلَيْهَا والشَّـــاهِدَ لَهُ بحَقِّهِ دُونَ شَهَادَةِ الشُّهُودِ، فَـــــــــإنَّ ذلِكَ حَقُّ اللَّهِ عَلَيْكَ، وَإنْ كَانَ مَـــا يَدَّعِيهِ بَـــــــــاطِلاً رَفَقْتَ بهِ وَرَوَّعْتَهُ 14 ونـــــاشَدتهُ بدِينِه15 وَكَسَرْتَ حِدَّتهُ عَنكَ بذِكْرِ اللهِ وَأَلْقَيْتَ حَشْوَ الْكَلامِ وَلَغَطَـــــــهُ16 الَّذِي لا يَرُدُّ عَنْكَ عَـــــــــــاديَةَ17 عَدُوِّكَ بَلْ تبُوءُ بإثمِهِ وَبهِ يَشْحَذُ عَلَيْكَ سَيفَ عَدَاوَتِهِ18 لأَنَّ لَفْظَةَ السُّوءِ تَبعَثُ الشَّرَّ. وَالخَيْرُ مُقْمِعَةٌ لِلشَّرِّ. وَلا قُوَّةَ إلا باللهِ.

حق الخصم المدعى عليه وَأمّــــــا حَقُّ الخَصْمِ الْمُدَّعَى عَلَيهِ فَإنْ كَانَ مَــــــــا تدَّعِيهِ حَقًّا أَجْمَلْتَ فِي مُقَـــــاوَلَتِهِ19بمَخرَجِ الدَّعْوَى، فَإنّ لِلدَّعْوَى غِلْظَةً فِي سَــــــــــــــمْعِ الْمُدَّعَى عَلَيهِ. وَقَصَــــــــــــــــدْتَ قَصْدَ حُجَّتِكَ بالرِّفْقِ وَأَمْهَلِ الْمُهْلَةِ وَأبْينِ الْبَيَـــــــانِ وَألطَفِ اللُّطْفِ ولَمْ تَتشَـــــــاغَلْ عَنْ حُجَّتِكَ بمُنازَعَتِهِ بالقِيلِ وَالقَــــــــــــــــالِ فَتَذهَبْ عَنْكَ حُجَّتُكَ ولا يَكُونَ لَكَ فِي ذَلِكَ دَرْكٌ. ولا قُوَّةَ إلا باللهِ.

39. حق المستشير وَأمّــــــــــــا حَقُّ المُسْتَشِيرِ، فَإنْ حَضَرَكَ لَهُ وَجْهُ رَأْى جَهَدْتَ لَهُ فِي النَّصِيحَـــــــــةِ، وَأَشَرْتَ عَلَيهِ بمَا تَعْلَمُ أَنَّكَ لَوْ كُنْتَ مَكَانهُ عَمِلْتَ بهِ، وَذَلِكَ لِيَكُنْ مِنْكَ فِي رَحْمَة وَلِين، فَإنَّ اللِّينَ يُؤْنِسُ الْوَحْشَةَ وَإنَّ الْغِلْظَ يُوحِشُ مَوضِعَ الأنْسِ. وَإنْ لَمْ يَحْضُرْكَ لَهُ رَأيٌ وَعَرَفْتَ لَهُ مَنْ تثِقُ برَأيِهِ وَترْضَى بهِ لِنَفْسِكَ دَلَلْتَهُ عَلَيْهِ وَأَرْشَدتَهُ إلَيْهِ، فَكُنْتَ لَمْ تَـــــــــــــألُهُ خَيرًا20 وَلَمْ تَدَّخِرْهُ نُصْحاً. ولا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلا باللهِ.

40. حق المشير وَأمّـــــــــا حَقُّ المُشِيرِ عَلَيْكَ فَلا تتَّهِمْهُ فِيمَا لا يُوافِقُكَ عَلَيهِ مِنْ رَأْيِهِ إذا أَشَــــــارَ عَلَيْكَ فَإنَّمَا هِيَ الآرَاءُ وَتصَرُّفُ النَّــــاسِ فِيهَــــــا وَاختِلافُهُمْ. فَكُنْ عَلَيهِ فِي رَأيِهِ بالخِيَارِ إذا اتَّهمْتَ رَأْيَهُ، فَأَمّا تُهْمتُهُ فَلا تَجُوزُ لَكَ إذَا كَانَ عِنْدكَ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الْمُشَاوَرَةَ21. وَلا تَدَعْ شُكْرَهُ عَلَى مَـا بَدَا لَكَ مِن إشْــــــــخاصِ رَأْيِهِ وَحُسْنِ وَجْهِ مَشُورَتِهِ، فَإذا وَافَقَكَ حَمِدتَ اللَّهَ وَقَبلْتَ ذلِكَ مِن أَخِيكَ بالشُّــــــــــــــــــــــــكْرِ والإرْصَادِ بالْمُكَافَأَةِ فِي مِثلِهَـــــا إنْ فَزِعَ إلَيْكَ.22 وَلا قُوَّةَ إلا باللهِ.

41. حق المستنصح وَأمّــا حَقُّ المُسْتَنصِحِ فَإنَّ حَقَّهُ أَنْ تُؤَدِّيَ إلَيهِ النَّصِيحَةَ عَلَى الحَقِّ الَّذِي تَرَى لَهُ أنّهُ يحْمِلُ وَتخرُجَ المَخرَجَ الَّذِي يَلينُ عَلَى مَسَـــــــــــــامِعِهِ، وتُكَلِّمَهُ مِنَ الْكَلامِ بمَا يُطِيقُهُ عَقلُهُ، فَإنَّ لِكُلِّ عَقْل طَبقَــــــــــــــــــةً مِنَ الْكَلامِ يَعْرِفُــــــــهُ ويَجْتَنِبُهُ، وَلْيَكُنْ مَذهَبَكَ الرَّحْمَـــةَ. ولا قُوَّةَ إلا باللهِ.

42. حق الناصح وَأمّــــــا حَقُّ النَّاصِحِ فَأَنْ تُلِينَ لَهُ جَنَاحَكَ ثُمَّ تشرأب لَهُ قَلبَكَ20وَتفْتَحَ لَهُ سَـــــــــمْعَكَ حتَّى تَفْهَمَ عَنهُ نصِيحَتَهُ، ثُمَّ تنْظُرَ فِيهَـــــا، فَإنْ كَانَ وُفّقَِ فِيهَا لِلصَّوَاب حَمِدْتَ اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ وَقَبلْتَ مِنْـــــــــــــــــــهُ وَعَرَفْتَ لَهُ نَصِيحَتَهُ، وَإنْ لَمْ يَكُنْ وُفّقَِ لَهَا فِيهَا رَحِمْتَهُ وَلَمْ تتَّهِمَهُ وَعَلِمْتَ أَنَّهُ لَمْ يألُكَ نُصْحًا إلا أنَّهُ أَخطَـــــأَ إلا أَنْ يَكُونَ عِنْدَكَ مُسْتَحِقًّا لِلتُّهْمَةِ فلا تَعْبَـــــأْ23 بشيء مِنْ أَمْرِهِ عَلَى كُلِّ حَال. ولا قُوَّةَ إلا باللهِ.

43. حق الكبير وَأمّا حَقُّ الكبيرِ فَإنَّ حَقَّهُ تَوقِيرُ سِنِّهِ وَإجْلالِ إسْلامِهِ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْفَضلِ فِي الإسْلامِ بتَقْدِيمِهِ فِيهِ وتَرْكِ مُقَابَلَتِهِ عِنْدَ الْخِصَــــــــــامِ ولا تَسْبقْهُ إلَى طَرِيق، ولا تَؤُمَّهُ فِي طـرِيق24 ولا تَسْـــــــتَجْهِلْهُ. وَإنْ جَهِلَ عَلَيْكَ تحَمَّلْتَ وَأَكْرَمتَهُ بحَقِّ إسْلامِهِ مَعَ سِنِّهِ فَإنّمَـــــــا حَقُّ السِّنِّ بقَدْرِ الإسْلامِ. ولا قُوَّةَ إلا باللهِ.

44. حق الصغير وَأمّـــــــــا حَقُّ الصَّغِيرِ فَرَحْمتُهُ وتَثقِيفُهُ25 وتَعْلِيمُهُ وَالعَفْوُ عَنْهُ وَالسِّترُ عَلَـــــــــــــــيهِ وَالرِّفْقُ بهِ وَالمَعُونَةُ لــــــــــــــــَهُ وَالسِّترُ عَلَى جَرَائِرِ حَدَاثتِهِ فَإنّهُ سَبَبٌ لِلتَّوبَةِ وَالْمُدَارَاةُ لَـــــــــــهُ وتَرْكُ مُمَاحَكَتِهِ، فَإنَّ ذَلِكَ أَدنى لِرُشْدِهِ.

45. حق السائل وَأمّا حَقُّ السَّائِلِ فَإعْطَاؤُهُ إذا تَيَقَّنتَ صِدْقَهُ وَقَدَرْتَ عَلَى سَدِّ حَاجَتِهِ، وَالدُّعَاءُ لَهُ فِيمَـا نزَلَ بهِ، وَالْمُعَاوَنةُ لَهُ عَلَى طَلِبَتِهِ، وَإن شَكَكْتَ فِي صِدْقِهِ وَسَبَقْتَ إلَيهِ التُّهْمَةُ لَهُ وَلَمْ تَعْزِمْ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تَأْمَنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَيْدِ الشَّيْطَانِ أَرَادَ أَنْ يَصُدَّكَ عَنِ حَظِّكَ ويَحُولَ بَيْنَكَ وبَينَ التَّقَرُّب إلَى رَبكَ فَتَرَكْتَـــــــــــــهُ بسِترِهِ وَرَدَدتَهُ رَدًّا جَـــــــمِيلاً. وَإنْ غَلَبتَ نفْسَــــــــــــــــكَ فِي أَمْرِهِ وَأَعْطَيتَهُ عَلَى مَـــــا عَرَضَ فِي نفْسِكَ مِنْهُ، فإنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ.

46. حق المسؤول وَأمّــــــــا حَقُّ المَسئولِ فَحَقُّهُ إنْ أَعْطَى قُبلَ مِنْهُ مَـــــــــــــا أَعْطَى بالشُّكْرِ لَهُ وَالمَعْرِفَةِ لِفَضْلِهِ وَطَلَبَ وَجْهِ الْعُذْرِ فِي مَنعِهِ، وَأَحْسَنَ بهِ الظَّنَّ. وَاعْلَمْ أنَّهُ إنْ مَنِعَ (فَ)مَالَهُ مَنَعَ وَأَنْ لَيْسَ التَّثرِيبُ فِي مَــــــــــالِه،26 وَإنْ كَانَ ظَالِمًا فَإنَّ الإنسَانَ لَظلُومٌ كَفَّارٌ.

47. حق من سرك الله به وعلى يديه وَأمّا حَقُّ مَنْ سَرَّكَ اللهُ بهِ وَعلَى يَدَيهِ، فَـــــــــــــإنْ كَانَ تَعَمَّدَهَا لَكَ حَمِدْتَ اللهَ أَوّلاً ثُــــــــمَّ شَكَرْتَهُ عَلَى ذلِكَ بقَدْرِهِ فِي مَوْضِـــــــــــعِ الجَزَاءِ وَكَافَأتَهُ عَلَى فَضْــــــــــــــــلِ الابْتِدَاءِ وَأَرْصَــــــــــــــدْتَ لَهُ الْمُكَافَأَةَ، وَإنْ لَمْ يَكُنْ تَعَمَّدَهَا حَمِدْتَ اللهَ وَشَكَرتَهُ وعَلِمْتَ أنَّهُ مِنْهُ، تَوَحَّدَكَ بهَا وأَحْبَبتَ هذا إذ كَانَ سَبَباً مِنْ أَسْبَاب نِعَـــــــمِ اللهِ عَلَيْكَ وَترْجُو لَهُ بَعْدَ ذلِكَ خَيرًا، فإنَّ أَسْبَابَ النِّعَمِ بَرَكَةٌ حَيثُ مَا كَانتْ وَإنْ كَانَ لَمْ يَتَعَمَّدَ. ولا قُوَّةَ إلا باللهِ.

48. حق من ساءك القضاء على يديه بقول أو فعل وَأمّــــــا حَقُّ مَنْ سَاءَكَ القَضَاءُ عَلَى يَدَيهِ بقَوْل أَوْ فِعْل فَإنْ كَانَ تَعَمَّدَهَا كَانَ العَفْوُ أَوْلَى بكَ لِمَا فِيهِ لَهُ مِن القَمْعِ وَحُسْنَ الأَدَب مَعَ كَثِيرِ أَمْثالِهِ مِنَ الخَلْقِ، فإنَّ اللهَ يَقُولُ ?وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْــــــــــــدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبيلٍ. إنمَّا السّبيلُ عَلى الَّذين يظْلِمونَ النَّاسَ ويَبغونَ في الأرْضِ بغَيرِ الحَقِّ، أُولئِكَ لهُم عَذابٌ أليِمٌ. وَلمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إنَّ ذلِكَ لََمِنْ عَزْمِ الأُمُور? وَقَــــــــــــــــــالَ عَزَّ وَجَلَّ ?وَإنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بمِثلِ مَــــــــــــــا عُوقِبتُمْ به وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابرِين? هَـــــــــذا فِي الْعَمْدِ فَإنْ لَمْ يَكُنْ عَمْدًا لَمْ تَظْلِمْهُ بتَعَمُّدِ الانتِصَارِ مِنْهُ فَتَكُونَ قَدْ كَافَأتَهُ فِي تَعَمُّــد عَلَى خَطَــــــــــــــــأ. وَرَفِقْتَ بهِ وَرَدَدتَهُ بأَلْطَفِ مَا تقْدِرُ عَلَيْهِ. ولا قُوَّةَ إلا باللهِ.

49. حق أهل ملتك عامة وَأمّــــــــــا حَقُّ أَهْلِ مِلَّتِكَ عَامَّةً فَإضْـــــــــــمَارُ السَّلامَةِ وَنشْرِ جَنَــــــــــــــــاحِ الرَّحْمَةِ وَالرِّفْقِ بمُسِيئِهــــــــــــــــــــِمْ وَتأَلُّفُهُمْ وَاسْتِصْلاحُهُمْ وَشُكْرُ مُحْسِنِهِمْ إلَى نفْسِهِ وَإلَيْكَ، فَإنَّ إحْسَانهُ إلَى نفْسِهِ إحْسَانهُ إلَيكَ إذا كَفَّ عَنْكَ أَذاهُ وَكَفَاكَ مَئونتَهُ وَحَبَسَ عَنكَ نفْسَهُ فَعَمِّهِمْ جَمِيعًا بدَعْوَتِكَ وَانصُرْهُمْ جَمِيعـاً بنُصْرَتِكَ وَأَنزَلتَهُمْ جَمِيعـــــــــــــــاً مِنْكَ مَنَـــــــــــازِلَهُمْ، كَبيرَهُمْ بمَنْزِلَةِ الْوَالِـــــــــــدِ وَصَغِيرَهُمْ بمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ وَأَوْسَـــــــــــــطَهُمْ بمَنْزِلَةِ الأَخِ. فَمَـنْ أَتـــــــــــــــاكَ تَعَاهَدْتَه بلُطْف وَرَحْمَة. وَصِلْ أَخَاكَ بمَا يَجِبُ لِلأَخِ عَلَى أَخِيهِ.

50. حق أهل الذمة وَأمّــــــــــــــــــــــا حَقُّ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَالحُكْمُ فِيهِـــــمْ أَنْ تَقبَلَ مِنْهُمْ مَا قَبِلَ اللهُ، وَتَفِي بمَا جَعَلَ اللهُ لَهُمْ مِنْ ذِمَّتِهِ وَعَهْدِهِ وَتكِلُهُمْ إلَيهِ فِيمَا طَلبُوا مِنْ أَنْفُسِهِــــــــــــــمْ وَأُجْبرُِوا عَلَيْهِ وَتحْكُمَ فِيهِمْ بمَـــــــــــــــــا حَكَمَ اللهُ بهِ عَلَى نفْسِكَ فِيمَا جَرَى بَيْنَكَ (وَبيْنَهمْ) مِنْ مُعَامَلَة وَلْيَكُنْ بَينَكَ وَبيْنَ ظُلْمِهِمْ مِنْ رِعَايَةِ ذِمَّةِ اللَّهِ وَالْوَفَاءِ بعَهْــــــــــــــدِهِ وَعَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ - حَائِلٌ فَإنَّهُ بَلَغَنَا أنَّهُ قَالَ "مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِـــدًا كُنْتُ خَصْمَهُ" فَاتَّقِ اللَّهَ. ولا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلا باللهِ.

فَهذِهِ خَمْسُونَ حَقًّا مُحِيطًا بكَ لا تَخرُجْ مِنْهَــــــــا فِي حَال مِن الأَحْـــــــــــــــوَالِ، يَجِبُ عَلَيْكَ رِعَايَتُهَا وَالْعَمَلُ فِي تَأْدِيَتِهَا وَالاسْتِعَانَةُ باللهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَلَى ذَلِكَ. وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلا باللهِ وَالْحَمْدُ للهِ رَب العَالَمِينَ.




المصدر:
بحار الأنوار